منتديات عموشية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات عموشية


 
الرئيسيةالرئيسية  عموشية الاخباريعموشية الاخباري  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الفارس
المدير
المدير
الفارس


جنسيتي جنسيتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Algeri11

مهنتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Studen10

مزاجــي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم 85

الجنس الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 2339

تقييم الأعضاء : 10

نقاط نقاط : 280401

العمر العمر : 31


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Empty
مُساهمةموضوع: أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم   أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Emptyالأربعاء 03 فبراير 2010, 18:26







أسمـاءٌ
فـي القُـرآن الكريـم



محمد رجب السامرائي








1426هـ- 2005م








صدر الكتاب
عن دار البشائر الإسلامية – بيروت - لبنان 2005م












بسم الله الرّحمن الرحيم






قال تباركت أسماؤه:









{ربنا أغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب}





صدق الله العظيم


الفهرســــــــــــــــــــت





المقدمـة





الفصل الأول:
المواضع والأماكـن



·
الكعبة المُشرفة



·
المساجد



·
بابـل



·
مديـن



·
الرّس



·
الكهف



·
الجنّة





الفصل الثاني: الصفـــات



·
الرّحمن



·
الحقّ



·
الجميل



·
الفقراء





الفصل الثالث: الشخصيات



·
يأجوج ومأجوج



·
لقمان وابنه



·
مؤمن آل فرعون



·
أخوة يوسف



·
امرأة العزّيز



·
ذو القرنين








الفصل الرابع:
النباتات والفواكه



·
شجرة الزقوم



·
الكافور



·
الثمار



·
العرجون



·
الطلـح



·
التيـن



·
الرمان





الفصل الخامس: الحيوانات والحشرات



·
الفيل



·
الذئب



·
الدّابة



·
الحيّة



·
البغال



·
الذباب





كشاف الموضوعات








المقدمـة











الحمد لله
ربّ العالمين الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أفضل خلق الله أجمعين محمد وآل
بيته الطاهرين، وصحابته الكرام أجمعين رضي الله عنهم جميعاً، وبعد:



فقد أشار
كتاب الله المعجز- القرآن الكريم- في العديد من آياته وفي سوره إلى ذكر الكثير من
المواضع والأماكن، والصفات، والشخصيات القرآنية التي جاء ذكرها في سياق الآيات
الكريمات، وكذلك وردت أسماء عدد من الشخصيات التي كان لها دور في السور، فضلاً عن
الإشارة إلى الكثير من النباتات والفواكه، ومثلها الحيوانات والحشرات.



وقد عقدنا
الكتاب الذي هو في الأصل برنامج إذاعي كتبته لإذاعة جمهورية العراق في بغداد خلال
الدورة البرامجية الخاصة بشهر رمضان المبارك للعام 1991م بثلاثين حلقة. واستعنت في
كتابته إلى عشرات المصادر والمراجع المختلفة لكتّاب عديدين أسأل الله تعالى لهم
الأجر على صنيعهم هذا وأن يجعله في ميزان حسناتهم. كما قمت بتعديل الحوار وجعلته
على شكله الحالي، وصنفت موضوعاته إلى خمسة فصول تشكلت على النحو على التالي:



الفصل
الأول:
خصصته للمواضع والأماكـن أشرت فيه لسبعة منها وهي: " الكعبة
المُشرفة
، المساجد، بابـل، مديـن، الرّس، الكهف، الجنّة". بينما
عرض الفصل الثاني " ل
لصفــات" وشمال أربع منها تمثلت في: " الرّحمن، الحقّ، الجميل،
الفقراء".



أما الفصل
الثالث
فهو عن: " الشخصيات" التي أشار إليها الكتاب الخالد وهي ستة شخصيات قرآنية: "يأجوج
ومأجوج
، لقمان وابنه، مؤمن آل فرعون، أخوة يوسف، امرأة
العزّيز
، ذو القرنين". كما تناول الفصل الرابع" النباتات والفواكه" التي ذكرت في القرآن الكريم حيث عرضنا لسبعة أنواع منها: " شجرة الزقوم، الكافور، الثمار، العرجون، الطلـح، التيـن، الرمان". وختم
الكتاب بالفصل الخامس عن:" الحيوانات والحشرات" قدمنا فيه لستة منها
والمتمثلة في:
" الفيل، الذئب،
الدّابة، الحيّة، البغال، وأخيراً الذباب".



أخيراً: نسأل الله العزّيز أن يجعل عملنا
خالصاً لوجهه الكريم
، وهو حسبنا
ونِعم الوكيل، وهو المستعان في كلّ حين
، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة
والسلام،،،












محمد رجب السامرائي



محرم- صفر 1426هـ/ آذار" مارس" 2005م




أبو ظبي












الفصل
الأول









المواضع والأماكـن









·
الكعبة المُشرفة



·
المساجد



·
بابـل



·
مديـن



·
الرّس



·
الكهف



·
الجنّة








الكعبة المشرفة








الكعبة هي بيت الله الحرام. أقدم وأقدس
واشرفُ واعرقُ بيتٍ وُضِعَ للنّاسِ مكة في الجزيرة العربية بأم القرى، وهي نفسها بكة في القرآن الكريم في سورة آل عمران.



تقول كعبتُ الشيءَ بمعنى ربعته، وكلّ بيت
مربع عند العرب كعبة، وسمي كعبة لارتفاعه. واختلف المؤرخون والعلماء في كيفية بناء
الكعبة المشرفة ,يقول الخالق وهو يخاطب الملائكة :"أني جاعل في الأرض
خليفة". وقالت الملائكة لربّ العزّة في ذات السورة:"أتجعل فيها من يفسد
فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك". فغضب عزّ وجلّ على الملائكة
واعرض عنهم,
فعاذوا بعرشه العظيم, وكانوا حوله سبعاً
يسترضونه من غضبة عليهم ويقولون: اللهم لبيك .. ربّنا معذرة إليك .. نستغفرك ونتوب
إليك.



و لقد رضيّ
سبحانه تعالى على ملائكته وأوحى إليهم أن ابنوا لي بيتاً في الأرض،
يتعوذ
به من شخص عليه من عبادي ،ويطوف حوله كما طفتم حول عرشي، فأرضى عنه كما رضيت عنكم،
فبنوا بيت الله الحرام الكعبة المشرفة وقبلة المسلمين.



ويقول آخرون أنّه لما اهبط الله تعالى آدم
وطرده من جنات الخلود إلى الأرض قال له :يا آدم اذهب فابن لي بيتا، وطف به واذكرني
عنده ،كما رأيت الملائكة تصنع حول عرشـــي.
فاقبل
سيدنا آدم يتخطا، وطويت له الأرض وقبضت له الم
فازة، فلا
يقع قدمه على شيء من الأرض إلا صار عمرانا" حتى انتهى إلى موضع البيت الحرام.
فقذفت الملائكة لآدم بالصخر، ولا يستطيع حملها ثلاثين رجلاً". وبناه عليه
السلام من خمسة جبال هي:
حراء، وطور
سيناء، ولبنان، والجودي، ومن طوزيتا، وقواعد البيت الحرام أي الأساس من حراء.



كذلك ذكر في بعض الأخبار عن بناء الكعبة
المشرفة في مكة أن الله تعالى اهبط مع آدم عصبة السلام بيتا"،
فكان
يطوف به والمؤمنون من ولده وكذلك إلى زمان الغروب ثم دفعه تعالى فصار في السماء
،وهو الذي يدعى بالبيت المعمور.



ولم يزل بيت الله الحرام بكعبته المشرفة منذ
هبط آدم عليه السلام مُ
عظماً محرما
تتناسخه الأمم والملل، أمة بعد أمة ومِلَةٍ بعد مِلةٍ،كانت تحج إليه ملائكة الرحمن
.
قال تعالى لإبراهيم الخليل بعمارة البيت في
البقرة: " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت
السميع العليم،
ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة
لك وارينا سكنا" وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ".



ولمّا انتهى إبراهيم عليه السلام إلى موضع
الركن قال لولده :يا بني ابغي حجرا" اجعله للناس علما". فجاءه بحجر فلم
يرضه.وأمر بثان ،فذهب يلتمس فجاءه وقد أتى بالركن فوضعه موضعه. فقال: يا أبه ؟ من
جاءك بهذا الحجر ؟فقال إبراهيم عليه السلام:جاءني به من لم يكلني إليك .



وبعدما فرغ إبراهيم عليه السلام من البناء
أتاه جبريل عليه السلام فقال له طف؟ فطاف إسماعيل عليها السلام سبعا يستلمان
الأركان ،فلما أكملا صليا خلف المقام ركعتين وقان معه جبريل واراه المناسك كلها:
الصفاء والمروة، ومِنىً، ومزدلفة .



ولما دخل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام
مِنىً وهبط من العقبة فقال له جبريل عليه السلام وأرحه ؟ فرماه بسبع حُصيّات فغاب
إبليس عنه ثم برز له عند الجمرة الوسطى،
فأمره
الوحي أن يرميه،
فرماه بسبع حُصيّات
،فغاب عنه أيضا" ،ثم برز له عند الجمرة السفلى فقال له جبريل:ارمه ،فرماه
بسبع حُصيّات ثم مضى وجبريل يعلمه المناسك حتى انتهى إلى عرفات.



ثمّ
خاطب الوحي جبريل سيدنا إبراهيم بقوله:أعرفت مناسكك .فأجابه نعم عرفتها فسميت
عرفات كذلك. وأمره عزّ وجلّ بأن يؤذن في المسلمين بالحج ،فأذن وبقيت الكعبة على
عمارتها من إبراهيم إلى أن بلغ نبينا صلى الله عليه وسلم خمسا وثلاثين سنة من عمره
حينما جاء مكة سيل عظيم فهدم الكعبة المشرفة وتصدعت وأرادت بناءها قريش وخافوا من
حية تحت البناء فبعث عزّ وجلّ طيرا ضخم الجناح اسود اللون فغرز مخالبه في قفاها
وانطلق بها.



وقامت قريش بهدم البيت وبنوة بحجارة الوادي
ورفعوها عشرين ذراعا" حتى بلغوا موضع الركن فاختصمت قريش في الركن بأي
القبائل تشرف برفعة فحكموا بأول من يطلع عليهم من الطريق،
فكان
عليه الصلاة والسلام فارتضوا حكمه لأنه عندهم الصادق الأمين،
فأقرّ
بالركن فوضع في ثوب واخذ سيد كل قبيلة طرف الثوب فرفعوا إليه الركن فوضعه الرسول
عليه الصلاة والسلام في مكانه ،ظهر النبي
الكريم صلى الله عليه وسلم الكعبة المشرفة بتهديمه الأصنام والأوثان التي عبدها
أهل قريش بعد شركهم حين فتح مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك وارتقى الصحابي بلال
الحبشي ظهر الكعبة ليعلن نشيد الله اكبر.. وليؤذن للناس كافة بإعلان الإسلام
القويم.



وقد تعرضت الكعبة لحملة إبرهة الحبشي من أصحاب
الفيل لهدمها وأنقذها الخالق بالطير الأبابيل..
ومنذ
ذلك العهد أصبحت الكعبة مثابة للناس وقبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.









المساجـــــد





ورد ذكر المسجد
والمساجد والمسجد الحرام في القرآن الكريم ،بلفظها
ثمانيا
وعشرين مرة، ووردت الإشارة إلى المسجد الحرام بلفظ بيت سبع عشرة مرة، ووردت
الإشارة إليه باسم مقام إبراهيم ومصلى مرة واحدة ووردت الإشارة إلى المساجد بلفظ
البيوت مرة واحدة ، ولكل مرة مناسبتها. فذكر عزّ وجلّ المساجد عامة نحو مسجد قبل
الإسلام فقال في سورة الكهف /18
:"
وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق و أن الساعة لا
ريب
فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم اعلم بهم قال الذين
غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا".



وجه الله تعالى كلامه إلى بني إسرائيل في سورة
الإسراء /7 : " أن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة
ليسوءا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا "
.



وعن إعداد المساجد يقول تبارك وتعالى في سورة
البقرة/114-115: " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في
خرابها ما كان لهم أن يدخلوها غلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب
عظيم . ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم ".
يقول الخالق العظيم في بعض أحكام المساجد في سورة الأعراف /29-31: " قل أمر
ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وأدعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون
". وقال: " يا بني أدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا
تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ".



ومن حكمة القرآن الكريم قوله جلّت قدرته في
سورة الحج /40 :"
ولولا دفع
الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا
ً
ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزّيز ".
كما أشار
القرآن الكريم للمسجد الحرام بثمان وعشرين مرة فقال الحق في سورة الإسراء /1:
" سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي
باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير "
.



كذلك قال الله
سبحانه وتعالى في ذكر المسجد الحرام في سورة الحج /25-27: "إن
ّ
الذين كفروا أو
يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه
للناس سواء العاكف فيه والباد ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وإذ
بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا
تشرك بي
شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا
ً
وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " .



وجاء ذكر
المسجد الحرام بلفظ البيت بقوله الكريم في سورة البقرة/125-
: 126"
وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا
من
مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهر بيتي للطائفين والعاكفين
والركع السجود. وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وأرزق أهله من الثمرات من
آمن فيهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار
وبئس المصير. وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت
السميع العليم".



وورد المسجد
الحرام بلفظ البيت أيضا في سورة البقرة /158" إن
ّ
الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو أعتمر فلا جناح عليه أ
ن
تطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن
ّ الله شاكر عليم
".
كما ورد ذكره بلفظ البيت في سورة قريش /1-:4"
لإيلاف قريش. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت. الذي أطعمهم من
جوع
وآمنهم من خوف".



وذكر المسجد الحرام بلفظ البيت بقوله عزّ وجلّ
في سورة المائدة /97 :" جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر
الحرام والهدى والقلائد ذلك ليعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وإن
الله بكل شيء عليم ". ممن يجوز بناء المساجد يذكر الله جلّ شأنه في سورة
التوبة /17-18 " ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم
بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون . إنما يعمر مساجد الله من آمن
بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلاّ الله فعسى أولئك أن
يكونوا من المهتدين".



أما مسجد الضرار ومسجد التقوى فجاء عنه في
سورة التوبة/ 107-108:" والذين اتخذوا مسجد ض
ِراراً
وكفرا
ً وتفريقاً
بين المؤمنين و
ارصاداً لمن حارب
الله ورسوله من قبل وليحلفن إن
ْ أردنا إلاّ
الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون لا
تقم فيه
أبدا
ً لمسجد أُسِسَ على
التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه
فيه رجال
يحبون أن يتطهروا والله يحب
ُّ المُطّهرين".









بابــــــــــل





بسبب ورود بابل في حادثة السحر والملكين
وسليمان عليه السلام وبسبب الأخذ من روايات بني إسرائيل والقصص الأولى وبسبب ما
يحكيه الناس من أساطير حول السحر والسحرة وأعمالهم المخيفة وبسبب النقل أيضاً من
مؤلفات اليونانيين والرومان الذين كانوا يجمعون أعاجيب الشرق وقصصه، أصبح لبابل
ذكرا كثيرا في كتب التفسير والتاريخ والجغرافيا اختلطت فيه الحقائق بالأباطيل
وتغيرت فيه الثوابت وأضيف إلى وصف بابل العديد من الخيالات لدرجة تبعد عن الواقع
التاريخي الذي تأكد بمرور الزمن نتيجة للتطور في الاستكشافات الآثارية وظهور
العديد من النقوش والكتابات البابلية التي أماطت اللثام عن الواقع التاريخي
للمدينة العظيمة. وقبل الخوض في حقيقة بابل وباطلها سوف نفسر الآية حسب الرأي
الراجح البعيد عن الأساطير والحكايات، يقول تعالى في سورة البقرة/102:"واتبعوا
ما تتلو الشياطين على ملك سليم
ان وما كفر
سليم
ان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما
أنزل على الملكين ببابل ه
اروت وماروت
وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر".



وقد تباينت روايات وآراء وأقوال المفسرين
والرواة والمؤرخين والجغرافيين في تحديد موقع بابل ودورها السياسي والعسكري
والديني ومعناها اللغوي. وسوف نتطرق إلى تلك الأقوال محاولين نقدها وتقويمها ثم
سوف نتحدث عن تاريخ بابل ومعنى الاسم اللغوي لبابل كما هو معروف من المصادر
والسجلّات القديمة سواء كانت في بلاد الرافدين أو خارجها.



وذكر كثير من المؤرخين أن بابل المعنية في
الآية قد تكون في العراق أو هي نهاوند أو هي نصيبين بل وضعها البعض في بلاد
المغرب. وبلا شك ان كل التحديدات التي تخرج ببابل خارج بلاد الرافدين هي تحديدات
غير صحيحة ولا توجد في بلاد المغرب أو المشرق مدينة مشهورة ببابل سوى بابل بلاد
الرافدين. بل اسم بابل يعني منطقة أكبر من مدينة بابل نفسها، تحتوي على عدد من
البلدات والقرى.



كذلك أرجع عدد من الرواة المسلمين تسمية بابل
إلى رواية مفادها انه بعد أن توقفت سفينة نوح على الجودي خرج منها نوح
وأتباعه" وابتنوا ثمانين بيتا، فلما كثروا ابتنوا بابل، فكثروا فيها حتى
بلغوا مائة ألف، وملكهم نمرود بن كنعان بن سنحاريب بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح،
فردهم عن الإسلام، فأمسوا وكلامهم السريانية، وأصبحوا وليس منهم مخلوق يعرف كلام
صاحبه، فتبلبلت ألسنتهم" وهذه الرواية يبدو عليها الانتحال نظرا لأن راويها
ابن الكلبي وهو ضعيف، بل متهم بالكذب. وفي رواية مشابهة رواها داود بن أبي هند عن
علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أن نوحا
ً
عليه السلام لما هبط إلى أسفل الجودي ابتنى قرية سماها ثمانين فأصبح ذات يوم وقد
تبلبلت ألسنتهم على ثمانين لغة، إحداها اللسان العربي.



ومدينة بابل، مدينة عريقة تقع على نهر الفرات،
وتبعد عن بغداد90 كم جنوبا، وهذه المدينة تقع بالقرب من أضيق منطقة يتقارب فيها
نهرا دجلّة والفرات. ولموقعها أهمية كبيرة فهي في وسط بلاد الرافدين بصورة عامة،
وتقع في مناطق يتركز فيها العمران والسكان والزراعية، ولها مناعة جغرافية وطبيعية.



ونشأت في المدينة أسرة عرفت بالأسرة البابلية
الأولى، أسسها الملك سمو ـ أبوم1894 ـ 1881 ق . م
،
ويع
دّ حمورابي 1792
ـ 1750 أو 1728 ـ 1686 ق. م من أشهر ملوك الدولة البابلية الأولى، وهو كذلك من
أشهر الحكام في التاريخ القديم. ونالت مدينة بابل حظا وافرا من الاهتمام حتى فاقت
كل عواصم بلاد الشرق المعاصرة لها، وأصبحت محط إعجاب الجميع ومرتعا خصبا للأساطير
والقصص والحكايات. وقد سقطت الدولة البابلية الأولى على يد مورسيليس الأول 1620ـ
1590 ق.م أحد أشهر ملوك الحثيين. ثم نشأت في بابل الدولة الكاشية أو أسرة بابل
الثالثة 1595 ـ 1157ق. م، والكاشيون في ال
أصل
من قبائل هندو ـ أوربية، جبلية، سكنت شرق بلاد الرافدين. تمكنوا من فرض نفوذهم على
بلاد الرافدين مدة حوالي 576 سنة.



وقد أخذ اليهود تعاليم السحر والشعوذة من
بابل التي اشتهرت بهذا في عصورها المختلفة، ووضع البابليون قوانين لعلم السحر
والشعوذة الذي كانت له مكانة عالية في النفسية والعقلية البابلية والشرقية في
العصور القديمة، كذلك عرف البابليون السحر البيض النافع والسحر الأسود الضار،
وعبدوا آلهة مخصصة للسحر لدفع الضرر وجلّب
الخير ومقاومة الأرواح الشريرة مثل الربة أيا وابنها الإله مردوخ. وكان السحر يتمتع
في المجتمع البابلي باحترام لم يكن يخلو من الخوف والحذر. وكان رجال الكهنوت من
المرتبة الأولى لرجال الدين يقيمون طقوسا خاصة بذلك وتؤدي كذلك صلوات وتراتيل.
ويلعب الشياطين دورا بارزا في السحر، وكان الساحر يقارع الشياطين الشريرة الضارة،
بدعم من الإله مردوخ، وقد استخدم البابليون السحر في الطب وشفاء الأمراض.












مديــــــــــــن








مدن في اللغة تعني الإقامة بالمكان، ومدين
اسم أعجمي، وإن اشتق من العربية فمعنى ذلك أن" الياء" زائدة وهم ولد
مدين أو مديان بن إبراهيم من امرأته قطورا، وكان قد اتخذها لنفسه مسكنا فنسبت
إليه. وقد عاش مدين عمرا
ً طويلاً،
وتزوج امرأة من العمالقة فولدت له أربعين بنين، ونسلوا، فكثر عددهم في حياة مدين
نفسه. ويرى أنه أمرهم ببناء مدينة حصينة سموها مدين.



وتقع أرض
مدين في الشام تلقاء غزة، ليست بعيدة عن ارض معان، وهي قريبة من بحر القلزم
- الأحمر-
على بعد
73 كم. وكان
بينها وبين مصر ثمانية أيام، كما بين الكوفة والبصرة.
ويمتد
ساحل مدين على طول خليج العقبة لمسافة حوالي
200
ميل
إلى الجنوب، ومن رأس الخليج إلى الشمال نحو 36
ميلاً، وهو ساحل متعرج. وعلى هذا الساحل تقع المدينة القديمة لمدين، والتي سماها
بطليموس ويوسيبيوس موديانا ومودونا ولعلها هي مودين الواردة في سفر المكابيين
الأول.



ومدين أكبر من تبوك، وتبعد عنها 220 كم، وهي
على العموم تقع على تخوم الحجاز الشمالية مع بلاد الشام. أما المقريزي فيجعل مدين
من أرض مصر وليس من أرض الشام. والبعض جعل مدين تقع بين منطقة شاسعة تمتد بين طور
سيناء ونهر الفرات. واعتبر البعض أن مدين من أعمال المدينة المنورة، وتابعة لها.
وعلى حسب تحديد العهد القديم فإن
ّ
المديانيين قد بنوا مستوطناتهم إلى الشرق من الحافة الشمالية للبحر الأحمر على طول
خليج العقبة. وقيل: إن
ّ مدين اسم
عربي لما كانوا عليه
.


كذلك قيل: اسم
بلد وجعل أسماء للقبيلة، وهو الأرجح. وقال البعض: إنهم هم أصحاب الأيكة ويقال: إن
بلدة البدع الحالية تشغل ما كان يعرف بمدين. وهذه البلدة تقع إلى الغرب من تبوك،
على بعد 220 إلى 250كم، وتقع إلى الشرق من خليج العقبة، على بعد
70
كم
، وبها مكان يعرف بمصلى شعيب، وآثار نبي الله
شعيب المعروفة بمغاير شعيب، وهو موضح فيه آثار ومجموعة من القبور القديمة.



ويروى بأنّ
مدين هي قرية كفر مندة الواقعة بين طبرية وعكا، وبها البئر الذي استقى منه موسى
عليه السلام، ويقال: بأن بها قبر صفورة زوج موسى، وفيها ولد ولدان ليعقوب، يقال:
لهما أشير ونفتالي. ويقال: إن
ّ في بادية
طبرية عدد من قبور الأنبياء كشعيب عليه السلام ولا شك هذا التحديد بعيد عن الواقع
التاريخي، نظرا لأنه يجعل مدين في أرض الشام بعيدة عن سيناء حيث لجأ موسى فارا من
فرعون وحيث وصل وقومه بعد ذلك، وتاهوا في الصحراء.



وذكر البعض أن ملوك مدين الذين هلكوا يوم
الظلة هم أبجد أو أبو جاد وهوز وحطي وكلمن وسعفص وقرشت. وإن أخت كلمن قالت شعرا
ترثي أخاها. وقد كان ابجد يحكم مكة وماولاها من أرض الحجاز، وهوز وحطي بأرض
الطائف، وكلمن وسعفص وقرشت بأرض مصر أما بخصوص الشعر لا ندري كيف وصل إلى الرواة
مع الفارق الزمني الشاسع بين مدين وبين فترة رواية الشعر، كما أن الشعر مروي
بكلمات عربية فصيحة،ربما لا نعرف الصلة بين لغة مدين واللغة العربية المعروفة
إضافة إلى أن أسماء الملوك هي عبارة عن حروف الهجاء في عدد من اللغات السامية
كالعبرية
والسريانية. ولقد كان المديانيون قوما تجارا،
يتاجرون بالذهب والبخور مع اليمن، وبعضهم كانوا بدوا قاموا بمهاجمة بني إسرائيل في
فلسطين في عصر القضاة.وسكن فرع من المديانيين بالقرب من جبل سيناء.



وقد أطلق
عليهم بعض المؤلفين أرومان واليونانيين لفظة أي عرب أو بمعنى ىخر بدو على سكان
مدين من الإسماعيليين والمديانيين ولهذا قال البعض إن المديانيين عرب. وقد بعث
الرسول صلى الله عليه وسلم سرية إلى مدين أميرهم زيد بن حارثة فأصاب سبيا
ً
منهم. وقد استقرت قبيلة جذام في أرض مدين ولذلك يقال: إن شعيبا
ً
عليه السلام أحد بني وائل من جذام. ويذكر بعض النسابة أن جذام من ولد يعفر بن مدين
بن إبراهيم، ويوردون حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه لوفد جذام:"
مرحبا بقوم شعيب وأصهار موسى ولا تقوم الساعة حتى يتزوج فيكم المسيح ويولد
له" والوضع في هذا الحديث ظاهر بين، خاصة أنه من مرويات ابن الكلبي، وهو
تالف، ولا تقبل رواياته. كما أنه يتعارض مع الحديث الحسن الذي يرويه الترمذي عن
فروة بن مسيك المرادي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أن جذام من نسل سبأ، الذين
هاجروا من اليمن واستقروا في الشام كما أنه في السيرة لم يرد ضمن الوفود ذكر وفد
قبيلة جذام، سوى قدوم شخصين أحدهما وفادة رفاعة بن زيد بن عمير بن معبد الجذامي
الذي ذكر بأنه أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم عبدا والثاني فروة بن عمرو بن
النافرة الجذامي الذي بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه وأهدى إليه بغلة
بيضاء وفي الروايتين علل الانقطاع وضعف الإسناد، فبالتالي فالروايتان ضعيفتان إذن
فإننا لا نرى نسبة أو علاقة بين جذام ومدين خاصة أن السابين والرواة ذكروا أن مدين
من نسل إبراهيم عليه السلام، وليس من نسل سبا وقد نسب الرواة جذام إلى جذام عمرو
بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن غريب زيد كهلان بن يشجب ويقول المقريزي: إن
ّ
مالك بن دعر بن حجر بن جديلة بن لخم كان له 24 ولدا ذكرا، كثرت أولادهم حتى بنوا
المدائن والقرى والحصون وعمروا بلاد مدين كلها وغلبوا على بلاد الشام ومصر والحجاز
وغيرها 500 سنة وإن ملوك مدين استولوا على مصر مدة 500 سنة بعد غرق فرعون موسى
وهلاك دلوكة بنت زفان حتى أخرجهم منها سليمان عليه السلام وبالتأكيد أن هذه القصة
تناقض حقائق ووقائع التاريخ.



كما أشار
المقريزي أيضا أنه كان بأرض مدين عدة
مدائن قد باد أهلها وخربت وبقي منها إلى أيامه حوالي عام 825هـ نحو الأربعين مدينة
قائمة، منها ما يعرف اسمه ومنها ما قد جهل اسمه.



وفي موضع مدين اليوم العديد من الخرائب وإلى
والآثار الدالة على ازدهار المنطقة في عصور سابقة، وتشهد على ما مرت به من أحداث
وتطورات وتشمل الآثار مبان وبقايا قصور ومعابد وقبور وأدوات فخارية ومعدنية وحجرية.
ويقال: إن في أرض مدين كهف كان يأوي إليه شعيب عليه السلام، وفيها جبال كثيرة
وفيها كهوف ومغارات تحت الأرض، فيها عظام بالية عليها رواسخ مبنية، وهم قوم شعيب
عليه السلام الذين أهلكهم الله تعالى. كما أن مدين شهدت عددا من الدول والممالك
والأحداث التاريخية،
وقال تعالى في سورة
الأعراف/85: "وإلى مدين أخاهم شعيبا".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ar-ar.facebook.com/people/Ramli-Aymanovitch/1194375133
الفارس
المدير
المدير
الفارس


جنسيتي جنسيتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Algeri11

مهنتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Studen10

مزاجــي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم 85

الجنس الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 2339

تقييم الأعضاء : 10

نقاط نقاط : 280401

العمر العمر : 31


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم   أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Emptyالأربعاء 03 فبراير 2010, 18:27

الـــــــــرّس





الرّس في اللغة: البئر المطوية بالحجارة،
القديمة أو المعدن والمع رساس، ووردت الإشارة إليها في بيت لزهير بن أبي سلمى:



بكرن بكورا واستمرن بسحرة فهي
ووادي الرّس كاليد والفم



ورس الميت أي قبر. والرس الأثر القليل في
الشيء ويقال:سمعت رسا من خبر وقيل: أن الكلمة أعجمية الأصل، تعني البئر، أو قرية.
وقيل: إن الرس تعني أصحاب البنات، وأزد شنوءة يسمون البنين الرس وقد اختلف
المفسرون في موضعه الجغرافي، واتفقوا على أن الرس بئر عظيمة أو حفير كبير، أو هو
البئر لم تطو بالحجارة والآجر، وكان أصحاب الرس يعبدون شجرة، وقيل: أن هذه الشجرة
هي شجرة الصنوبر، فدعا عليها نبيهم، وكان من أولاد يهوذا، فيبست، فقتلوه ودسوه في
البئر، فأظلتهم سحابة سوداء فأحرقتهم. وقيل: كانوا يعبدون الأصنام، وكانوا أصحاب ماشية
وآبار وسموا بأصحاب الرس لكونهم نازلين على الرس أو لكونهم أصابهم الخسف في الرس
أو لأنهم احتفروا رسا. وقيل: إن أصحاب الرس كانوا في حضرموت، وكانت مدينتهم تسمى
الرس، وكانت ذات أشجار وثمار وقرى عامرة، وعبد جزء من سكانها الأصنام وجزء منهم
عبدوا النار. وكان بالمدينة جبل عال يقال له الفلج.



ويقال: إنه بعدن لأمة من بقايا ثمود، وكان
لهم ملك صالح، حسن السيرة، يدعى العليس، وكانت البئر تسقي المدينة باديتها
وحاضرتها وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر، وهي تشبه الحياض كثيرة تملأ
للناس، ولم يكن لهم ماء غيرها، فطال عمر الملك فلما جاءه الموت طلي بدهن لتبقى
صورته ولا تتغير، وشق ذلك عليهم ورأوا أن أمرهم قد فسد وضجوا جميعا بالبكاء،
واغتنمها الشيطان ، فدخل في جثة الملك بعد موته بأيام كثيرة فكلمهم وقال إني لم
أمت ولكني تغيبت عنكم حتى أرى صنيعكم بعدي. ففرحوا أشد الفرح وأمر خاصته أن يضربوا
حجابا بينه وبينهم، ويكلمهم من ورائه، كي لا يعرف الموت في صورته، فنصبوه صنما من
وراء حجاب لا يأكل ولا يشرب، وأخبرهم أنه لا يموت أبدا، وإنه إله لهم وذلك كله
يتكلم به الشيطان على لسانه فصدق كثير منهم وأرتاب بعضهم وكان المؤمن المكذب منهم
أقل من المصدق فكلما تكلم ناصح منهم زجر وقهر، فاتفقوا على عبادته، فبعث الله لهم
نبيا
ً، كان الوحي ينزل عليهم في النوم دون اليقظة،
وكان أسمه حنظلة بن صفوان، فأعلمهم أن الصورة صنم لا روح له، وأن الشيطان فيه وقد
أضلهم وإن الله لا يتمثل بالخلق وإن الملك لا يجوز شريكا لله. فأذوه وعادوه وهو
يتعاهدهم بالموعظة حتى قتلوه وطرحوه في بئر. وعند ذلك حلت عليهم النقمة والعذاب.
ويقال: إن نبيهم هذا هو الذي دعا على الطائر العظيم العنقاء فأهلكها الله تعالى
بالصواعق، يقول الله العزّيز في سورة ق/12: " وأصحاب الرس وثمود"



كما يروى أنّ
في اليمن وجد قبر، لوح مكتوب فيه:" أنا حنظلة بن صفوان أنا رسول الله قد
بعثني الله إلى حمير وهمدان والعريب من اليمن فكذبوني وقتلوني" ويروى أيضا أن
حنظلة هذا، كان من أهل بهراء اليمن وقيل: بعث إلى قبائل من ولد قحطان بن عاد
وثمود، فقتلوه وطرحوه في البئر. ويقال: أن هذا النبي يدعى خالد بن سنان.قال تعالى
في سورة الفرقان/38:"وأصحاب الرس وقرونا".



وقيل: أنّ
أصحاب الرس هم قوم شعيب كان لهم أصنام يعبدونها، أو هم قوم كانوا مع قوم شعيب.
وقيل: إن
ّ أصحاب الرس قوم نساؤهم سحاقات، حيث يذكر أن
الدلهات ابنة ابليس شهت إلى النساء ذلك الفعل وعلمتهن، فسلط الله عليهم صاعقة من
أو
ّل الليل، وخسفا في أخره وصيحة مع الشمس، فلم
يبق منهم أحد. وقيل: هم قوم كذبوا نبيهم وحبسوه في بئر ضيقة القعر ووضعوا على رأس
البئر صخرة عظيمة، ولم يؤمن به سوى عبد أسود وقد عزّا السيوطي إخراج قصة إيمان
العبد الأسود إلى الطبري وابن إسحاق عن محمد بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهذه الرواية مرسلة ويعلق عليها صديق بن حسن القنوجي بقوله: إن فيها: "
نكارة وغرابة ولعل فيها ادراجا"
.


وذكر بأنّ
أهل الرس على نهر بهذا الاسم في بلاد المشرق، وكانوا يعبدون شجرة صنوبر تدعى"
شات درخت" في زمن قبل سليمان بن داوود، وكان لهم 12 قرية. وأعظم قراهم تسمى
اسفنديار التي كان بها ملكهم تركون بن عابور بن نوش بن سارب بن النمروذ بن كنعان،
فرعون إبراهيم ولؤلاء القوم عادات وطقوس جاهلية، وثنية يقومون بها تعبدا لشجرة
الصنوبر، مصدر الحياة لآلهتهم. فبعث الله تعالى إليهم نبيا من ولد يهوذا بن يعقوب
فكذبوه، فدعا عليهم بإيباس شجرهم، فأجمعوا على قتله، فحفروا بئرا ضيقة، ورسوه فيها
حينها سلط الله عليهم العذاب والهلاك، لأذاب الله أبدانهم كما يذوب الرصاص في
النار. ويبدو أن هذه القصة غير عربية الأصل، وربما وافدة من ثقافات الشعوب
المجاورة، ولا سيما منها الفارسية. وحتى كون قصة أصحاب الرس حدثت في أرمينيا هي
أيضا غير عربية الأصل.



والرّس هم أصحاب ياسين، أهل إنطاكية، قتلوا
فيها حبيبا وقيل: هم أصحاب الأخدود قرب نجران. وقيل: إن الرس بئر قرب اليمامة يسمى
فلجا، وهم بقية ثمود. والفلج والأفلاج منطقة عامرة بالسكان والعمران والنخيل
وازروع في الجزء الجنوبي من اليمامة، مشهورة بعيونها الجارية وخصوبة أرضها وكثرة
وديانها, وتبلغ مساحتها حوالي 54120 كم2. ويحد منطقة الأفلاج من الشمال الخرج
والحوطة ومن الغرب جبل العارض ومن الجنوب والشرق رمال الربع الخالي والدهناء.
وقاعدة الأفلاج الأن بلدة ليلى الواقعة على بعد 300كم إلى الجنوب من الرياض أو هو
بحجر بناحية اليمامة على آبار.



كما أنّ الرس
والرسيس هما أيضاً واديان بنجد أو موضعان، وقيل: هما ماءان في بلاد العرب معروفان
الرس لبني منقذ بن أعيا بن طريف من بني أسد، والرسيس لبني كاهل وبئر الرساس ماء
لبني سلامان،
والرس بناحية صيهد من أرض اليمن، ويرى أبو عبيد
البكري أنه هو المعنى بالرس في القرآن الكريم.



ويخلص الإمام الفخر الرازي إلى قوله حول هذه
الروايات:" إن شيئا
ً من هذه
الروايات غير معلوم بالقرآن
الكريم ولا بخبر
قوي الإسناد ولكن
ّهم كيف كانوا،
فقد أخبر
تعالى عنهم أنهم أهلكوا بسبب كفرهم".












الكهــــــــف






الكهف في اللغة العربية البيت المنقور في
الجبل، وهو كالغار إلا أنه أوسع منه. ويروى أن الملك المعاصر لأصحاب الكهف هي
دقيوس ويقال: دقيانوس، وكانوا بمدينة للروم اسمها أفسوس ويقال: أن دقيوس حكم 60
سنة ويروى إن أصحاب الكهف فتية من الروم، دخلوا الكهف قبل المسيح، فرارا بدينهم،
وبعثهم الله تعالى في الفترة بعد المسيح. وكان الملك المعاصر لهم يدعى دقيانوس
الذي دعا الناس إلى المجوسية، وقد خرج هؤلاء الفتية في عهد ملك مسلم يدعى بيدوس أو
بونياس. ويعرف كهفهم باسم حزوم والجبل الذي فيه الكهف يدعى ناجلّوس والمدينة التي
كان فيها الفتية هي أفسيس ويقال: هي طرسوس. ويقال: إن دقيوس خلفه على الحكم ملك
يدعى جالش مدة ثلاث سنوات أو لليانس ثم قليطانس مدة عشر سنوات وقيل: إن الكهف يقع
بالقرب من بلدة هرقلة المشهورة، إلى الشرق منها، ويعرف بجبل الكهف. وقيل: إنه يعرف
بجبل الرقيم، ويروى أن عبادة بن الصامت مر على هذا الجبل في طريقه لمقابلة قيصر
الروم، ورأى الكهف وفيه ثلاثة عشر جثة وقيل: إنّ الكهف في فلسطين وقيل: في الأندلس
قريب من لوشة، جهة غرناطة، قال تعالى في سورة الكهف/ 9:" أم حسبت أن أصحاب
الكهف والقيم كانوا من
آياتنا
عجبا".



والراجح أنّ أفسيس هي مدينة يونانية مشهورة،
تقع على الساحل الغربي لآسية الصغرى، على الجانب الجنوبي من نهر قيسطرة"
كايستر" بالقرب من مصبه، وتبعد 60 كيلومتراً من مدينة أزمير، واشتهرت
بعمائرها ومبانيها ومعابدها وأسواقها، ولها ميناء صناعي مهم.



وروت عدد من كتب التفسير أنّه لما غزا
الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان بلاد الروم، مرّ بمنطقة في آسيا الصغرى يقال:
إن بها الكهف، فبعث أناسا لينظروا إلى أصحاب الكهف، فلما دخلوا جاءتهم ريح
فأحرقتهم وقد روى هذا الحديث الواحدي في تفسيره من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، قال:
حدثنا يزيد بن هارون حدثنا سفيان بن حسين عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير أنه غزا
مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم فمروا بالكهف. وقال ابن حجر: أخرجه ابن أبي حاتم
وعبد بن حميد وأبو بكر من رواية يعلى عن سعيد عن ابن عباس، وإسناده صحيح. ويقال:
إن الكهف بالقرب من مدينة طرسوس ويروى المسعودي: أنّ الخليفة الواثق بالله العباسي
قد أرسل بعثة إلى بلاد الروم بقيادة محمد بن موسى المنجم ليرى أصحاب الكهف
والرقيم، فوجد الكهف في موضع يدعى حارمي أو خارمي. وقيل: في منطقة تدعى الخان على
بعد ثلاثة أيام من طرسوس والفتية هم مكسلمينا أومكلمسينا وتمليخاأويمليخا ومرطوس
أو مطرسوس ونيرويس و كسطومس و دينموس وريطوفس قالوس ومحسيلمينيا، وقيل غير ذلك، بل
نسب حديث للنبي صلى الله عليه وسلم يذكر أسماء هؤلاء الفتية.



وكما يقول أبو حيان: " أسماء أهل الكهف
أعجمية لا تنضبط بشكل ولا نقط، والسند في معرفتها ضعيف والرواة مختلفون في قصصهم
وكيف كان اجتماعهم وخروجهم ولم يأت في الحديث الصحيح كيفية ذلك ولا في القرآن إلا
ما قص تعالى من قصصهم، بقوله الكريم في سورة الكهف/11: " فضربنا على ءاذانهم
في الكهف سنين عدداً ".



وعُرفت
قصة أصحاب الكهف في المصادر النصرانية واليونانية والسريانية والأثيوبية والأرمنية
باسم:" نائموا إفسوس السبعة" أو " النيام السبعة"، التي تتحدث
عن سبعة من الفتيان فروا بدينهم في عهد الإمبراطور الروماني ديكيوس249-251م،
ولجؤوا إلى كهف قرب مدينتهم أفسيس، ومكثوا فيه مدة ثلاثة قرون حتى استيقضوا في عهد
الإمبراطور البيزنطي ثيوديسبوس.



وإذا ما قارنا بين قصة هؤلاء الفتية في المصادر
النصرانية وفي المصادر الإسلامية نجد تشابهاً كبيراً في عدّة أمور مثل كون الحادثة
وقعت في أفسوس وأنها حدثت في عهد الإمبراطور الروماني الوثني ديكيوس وأنّ الفتية
خرجوا من بلدتهم فراراً بدينهم، وأنّ جنود الملك الظالم عثروا عليهم في الكهف بعد
أن تتبعوا أحدهم، وقد أمر الملك بسدِ مدخل الكهف عليهم عقاباً لهم، وأنّهم لبثوا
مدة طويلة في الكهف. بل أنّ أسماء الفتية تكاد تكون نفسها المذكورة في المصادر
الإسلامية ولكن باللفظ العربي: " مكسلمينا، وتمليخا، ومرطوس، ونيرويس،
وكسطومس، ودينموس".



وذكر الآلوسي رواية عن ابن عباس رضيّ الله
عنهما أنّ: هؤلاء الفتية كانوا في زمن ملك من الجبابرة، فرّوا بدينهم ولجأوا إلى
الكهف، وبدأ الملك يتتبع أخبارهم حتى عرف أنّهم مختبؤون في كهف قريب، وأحسّ الملك
أنّه سيكون لهؤلاء الفتية شأن كبير، لذا أمر بسد باب الكهف عليهم، وأمر بكتابة
أسمائهم على لوح من الرصاص، وجعله في خزانته للتاريخ، وقال الحق في سورة الكهف/
10:" إذ أوى الفتنة إلى الكهف فقالوا ربنا
آتنا
من لدنك رحمة".



ثم أشار ابن
حيان إلى قصة أصحاب الكهف بقوله:" أنّ في الشام كهف فيه موتى، ويزعم مجاوروه
أنّهم أصحاب الكهف وعليهم مسجد وبناء يُسمى الرقيم ومعهم كلب رمة، وتبارك أصدق
القائلين في سورة الكهف/16: " وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأؤا إلى
الكهف".












الجنـّــــــــــّة





افتقد العرب الماء في
بيئتهم القاسية وهم في مفاوز الصحراء ، وقلة الأمطار، وجدب الأرض فكان ذلك علامة
من علامات الموت والفناء. ولتلكم الظروف أحب العرب الماء حبا لا
مزيد
له وكانوا إذا دعوا لأحدهم بالخير دعوا له بشيء يقوم على هذا فقالوا:
"سقيا
ورعيا
".


وقد تعلق العرب
بالماء فسموا المطر غيثا .. وآيات القرآن الكريم لا تستعمل الغيث إلا في مواطن
الخير كما أنها لا تعدل عنه إلى المطر غلا إذا كان قد خرج المطر إلى العذاب مجازا
وتوسعا.



أما
الصورة التي جاءت في كتاب الله العزّيز عن الجنة وما فيها من ألوان النعيم، وكيف
ينعم فيه المؤمنون الذين ارتضاهم الله فأنزلهم جنة المأوى ..



هذه
صور جميلة يقرؤها العربي فتتوق نفسه إليها وتطمح للفوز بها فهي جنة النعيم ، وإنها
تجري بمشيئة الله العزّيز.



ولعلّ صور الجنة وحديثها وما
فيها من الأنهار التي تجري طويل فعزّ وجلّ يعرض في آيات بينات لا سبيل إلى حصرها ،
فلا يقتصر على الأنهار بل أردفه إلى بالعيون فقال تعالى في سورة الذاريات /15:"
إن المتقين في جنات وعيون".وفي الرحمن /50:" فيها عينان تجريان ".



لا يقتصر نعيم الجنة على الماء فالأنهار عدة
ومختلفة الأوان فهي من لبن وخمر وعسل مصفى في سورة محمد :" مثل الجنة التي
وعد بها المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من
خمر لذة للشاربين وأنهر من عسل مصفى ".



تلكم النِعَم
الربانية هي مما يفتقر إليها العربي في بيئته لذا يحرص عليها ويتمناها وتحضر في
أدبه إذا تحدث عن المتعة والخير العميم .
ويتلو
المسلم كتاب الله العزّيز ويتدبر آياته الخالدات
فترتاح إليه نفسه ويطمئن إليه قلبه فهو يحدثه عن أشياء هي أسمى ما يرجوه ويأمله
يقول عزّ من قائل في سورة الكهف /31:" ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق
".



ثم صار اللون
الخضر أحب الألوان للعرب لأنه لون العشب الذي يبعث في نفوسهم الأمل والحياة وصاروا
إذا أرادوا أن يصفوا بعضهم بالنعمة وصفوه بالخضرة
، وجاء
وصف الجنة بالخضرة بقوله تبارك وتعالى في الرحمن /62-64 :"ومن دونهما جنتان *
فبأي آلاء ربكما تكذبان * مدهامتان ".
واشتملت
جنة النعيم على سائر صنوف الخضرة من ألوان الشجر في سورة النبأ/31-32 " إن
للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا ".



وإنّ
العالم الأخضر الذي ع
َمَّرَ
بالزرع وأصناف الشجر لا بد
ّ أن يستمتع
أهله بالظل الظليل في سورتي الإنسان 14/ ويس56
: "
ودانية عليها ظلالها * وذللت قطوفها تذليلا "
و "
هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئين ". والجنة المأوى عالم اجتماعي احتوى
على جميع مقومات المجتمع الطاهر السليم ففيه ألفة وفيه اجتماع واستمتاع وفيه يأنس
الرجلّ بزوجه وبنيه وأهله الصالحين يقول تعالى في سورة الدخان /54 :"
وزوجناهم بحور عين ". حديث الحور العين معروف في آيات القرآن الكريم وهو لون
من ألوان المتعة المهذبة.



ويقرأ المسلم هذا ويسمعه، فيلتمس فيه صورة
عالية لم ينل منها القليل اليسير، لذا يتوق إلى عالم اجتماعي احتوى على جميع
مقومات المجتمع الطاهر السليم ففيه ألفة وفيه اجتماع واستمتاع وفيه يأنس الرجلّ
بزوجه وبنيه وأهله الصالحين يقول تعالى في سورة الدخان /54:" وزوجناهم بحور
عين ".
وحديث الحور العين معروف في آيات القرآن الكريم، وهو
لون من ألوان المتعة المهذبة.
والعربي أيضاً يقرأ هذا ويسمعه، فيلمس فيه صورة عالية لم ينل
منها القليل اليسير ،لذا يتوق إلى عالم الجنة التي هي أسمى ما يبتغيه بالحور العين
في الواقعة:"كأمثال اللؤلؤ المكنون ".



كذلك أسهب كتاب
الله العظيم في وصف مظاهر النعمة والترف فذكر في الحج /23:" يحلون فيها من
أسور من ذهب ولؤلؤاً"
، وفي سورة
الصافات/ 20:" على س
ُرر مصفوفة
".



ويصف القرآن
الكريم الجنة ونعيمها للفائزين بصور بليغة ، فقال تبارك وتعالى في سورة
الزخرف/71والطور/22،
والمطففين/25-27، والواقعة/25-26
:"يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب "
،
و
: " أمددناهم بفاكهة ولحم مما
يشتهون".و"يسقون من رحيق مختوم *ختامه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون
* ومزاجه من تسنيم ".












الفصل الثاني





الصفـــــات











*الرّحمن



·
الحقّ



·
الجميل


* الفقراء








الرّحمــــــن








الرّحمن جلّ
جلّاله ذو الرحمة الواسعة الشاملة ، المتعطف برحمته وجلّائل نعمه على جميع خلقه
فسبحانه هو الرحمن الرحيم، وهو الذي استوى على العرش وتجلّى على خلقه باسم الرحمن
وليس باسم المتكبر الجبار، وكذلك أرسل رسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم
بالرحمة العامة . يقول تباركت أسماؤه
في سورة
الأنبياء / 126:" وما أرسلناك إلا
ّ رحمة
للعالمين ".



فخلق
الله تعالى رسوله بالخلق العظيم وزينه بالحكم والكرم وأثنى عليه بقوله الكريم في
سورة القلم/ 4:" وإنك لعلى خلق عظيم ". فالله تعالى في السماء رحمن
ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض مظهر من مظاهر رحمة ربه الرحمن الرحيم
. وشملت رحمة
الله المؤمن والكافر كما عمت جميع مخلوقاته ، يقول جلّ جلّاله في سورة البقرة/
126: " وإذ قال إبراهيم ربِّ اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من
آمن منهم بالله واليوم الآخر . قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار
وبئس المصير "



ورحمة الله
الرحمن الرحيم هي للجميع فجاء قوله العظيم في سورة الأعراف /156: " ورحمتي
وسعت كل شيء "
. ولا يُسمى باسم الرحمن
جلّ جلّاله غيره الحق، وهو جارٍ مجرى العلم المفرد ولم يرد في القرآن الكريم مجردا
من ال
ـ التعريف واسم الرحمن أصل لاشتقاق الرحمة وكذلك
اشتقت من أسمائه الحسنى جميع الصفات والأفعال فهو الأول قبل كل شيء والله خلقكم
وما تعلمون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى: أنا الرحمن ، أنا
خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ومن بتها بتته
". فإذا فكرنا في معاني الآيات واقتران اسم الرحمن باسم الله العظيم دعونا
الرحمن لكل حاجة نبغيها، يقول عزّ شأنه في سورة الإسراء /110:" قل ادعوا الله
أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى " أوجب تبارك وتعالى السجود
لذاته الرحمانية دون سائر صفاته وأسمائه الحسنى.
وقال
في سورة الحج /18: "ألم تر
َ أنّ
الله يسجد له من في السم
اوات ومن في
الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ".



وأوجب الله سبحانه خصائص كثيرة للرحمن من
خصائص أسمائه وصفاته بصفة الربوبية والخلق وجعل اسم الرحمن ذكرا للذاكرين، ونب
ّه
إلي الاستعاذة به والتوكل عليه والصوم له و
أنّ
الناس تحشر إليه يوم القيامة يصورها عزّ وجلّ في سورة الرعد/30: " كذلك
أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون
بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب ".



وإنّ حظ العبد من اسم ربه الرحمن جلّ جلّاله هو أن
يتخلق بعين الرحمة وعون المخلوق بحوله أو دعائه ويورثه العلم والبيان. قال
عزّمن
قائل في الفرقان
/ 63: " وعباد
الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما " ،
وقال في سورة الرحمن/1-4: " الرحمن علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان
"
.


كذلك تكرر اسم الرحمن في القرآن بقوله الكريم في
سورة مريم /92:" وما ينبغي للرحمن ولدا. إن كل من في السم
اوات
والأرض إلا
ّ أتى الرحمن عبداً.
لقد أحصاهم وعدهم عدا
ً ". فمن علمه
الرحمن القرآن علمه البيان وعلمه علوم الكون يقول تعالى في سورة الملك/3:
"
الذي خلق سبع سم
اوات طباقا ما ترى في
خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ". وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " إن الله عزّ وجلّ خلق الخلق حتى إذا فزع من خلقه قامت الرحم
فقال صه: فقالت: هكذا مكان العائذ بك من القطيعة قال نعم ، أما ترضين أن أصل من
وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت بلى يا
رب قال:
فذلك لك. وجاء اسم الرحمن على لسان مريم في سورة مريم
/18
: " فقولي أنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا
"








الحـــــــــــق








الحق عزّ وجلّ اسم الله فاطر السماوات
والأرض وصفة لذاته القدسية ولم يشاركه أحد من خلقه في هذه الصفة لا
حقيقة
ولا مجازا فهو واجد الوجود بالحق وكما بدأ أول خلق يعيده وعدا عليه حقا.



وقد عرفه خلقه بما خلق ، وعرفه خواصه بنوره
فهو الحق المبين يقول تعالى في المؤمنون /116 " فتعالى الله الملك الحق لا
إله
إلا هو رب العرش الكريم "
. والله الحق
الوكيل، هو الحق ولا حق غيره
، قال عزّ
وجلّ في سورة النور /25
:"يومئذ
يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين ".



ويوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات
وبرزوا لله الواحد القهار فهو الله الحق في قوله الكريم في سورة الكهف /45 :
" ذلك بأن
ّ الله هو الحق وانه يحي الموتى وانه على كل شيء
قدير ".



ويومئذ لا يضار المؤمن برؤية ربه الحق فيقول
الله الحق في سورة الأنعام /62



فالحق
في الدنيا معنى تاه في البحث عنه الباحثون. وكل في فلك يسبحون يقول صاحب الحق
الجلّيل في سورة الجاثية /22 : " وخلق الله السم
اوات
والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا
يظلمون
". الله الحق مثلما ينطقون هم، بقوله في سورة الذاريات /22 :" وفي
السماء رزقكم وما توعدون فورب
ّ السماء
والأرض إن
ّه لحق مثل ما أنكم تنطقون ".


كما نبّه
تبارك وتعالى عباده بأنه هو الذي خلق السم
اوات
والأرض بالحق وأرسل بالحق بشيرا
ً ونذيراً
في سورة البقرة /119: " إن
ّا أرسلناك
بالحق بشيرا
ً ونذيراً
ولا تسأل عن أصحاب الجحيم ".



وجاء اسم
الحق وتعالى في آيات بينات فهو في سورة الحجر /8يقول : " ما تنزل الملائكة
إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين ".
والحق أيضاً
هو القرآن الكريم يقول تعالى في
سورة الزخرف:
" حتى جاءهم الحق "
، أي القرآن
ورسول مبين، فلما جاءهم الحق يقصد القرآن العظيم أيضا لكنهم قالوا هذا سحر.



وقوله عزّ وجلّ في سورة ق/48: "
بل كذبوا بالحق لما جاءهم "
. أي لمّا
جاءهم القرآن المجيد فإن
ّهم كذبوه،
ويشير جلّ جلّاله في القصص لذات المعنى بمعنى اسم الله الجلّيل الحق
الإسلام،
بقوله في بني إسرائيل في سورة الإسراء /81
. ورد
الحق بأنه الإسلام في
سورة الأنفال:
" ليحق الحق ويبطل الباطل"
. وذلك في
الشرك وعبادة الشيطان، وذكر
تعالى في سورة
النمل بأن
ّه الحق أي الإسلام في سورة النمل /79 :"
إنّ ربك يقضي بينهم بحكمة وهو العزّيز العليم . فتوكل على الله إنك على الحق
المبين " . لقد أوحى تباركت أسماؤه إلى رسله أن الله هو الذي يهدي إلى الحق
وأمرهم أن يحكموا بين الناس بالحق فقال في يونس /35
:" قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي فما لكم
كيف تحكمون"
. الله هو الحق وقوله
حق ووعده حق يقول في سورة الأنعام /73: " قوله الحق وله الملك "
،
وفي سورة يونس /55 : " ألا إن
ّ وعد الله
حق "
.


كذلك الحق
سبحانه وتعالى هو العدل، ويشير لذلك بقوله الكريم في
سورة
الأعراف /89: " افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين "
. وأحق
بعينه الذي ليس بباطل فذلك قوله في الحج /62 :" ذلك بأن الله هو الحق وأن ما
يوعدون من دونه هو الباطل وان الله هو العلي الكبير".












الجميــــــل








الجمال هو الحسن الكثير، وهو جمال مختص
بالإنسان في ذاته أو شخصه أو فعله ويفيض من سبحانه وتعالى الجمال على غيره بمعنى
انه مفيض الخيرات الكثيرة على عباده وكذلك أحب من يكون كذلك
. قال
صلى الله عليه وسلم: " إن
ّ الله جميل
يحب الجمال ". وأصل الفعل جمل كأكرم فهو جميل ، وجامله لم يصفه الإخاء وما
سحه بالجميل. فلو تدبرنا الآيات القرآنية التي ورد الجمال فيها بمعنى الحسن
لوجدناها تأتي على خمسة وجوه وجه في محبوبات وأربعة في مكروهات. الحسن الكثير
المختص باستخدام الركوب، قال عزّ من قائل في سورة النحل/6:
"ولكم
فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون ".



وتشمل الأنعام: الإبل
والبقر والغنم تلك السوائم التي يرعاها الإنسان ويستخدمها لأغراض شتى ، ومن هذه
الأغراض الحسن والزينة واستخدام الأنعام حتى يومنا هذا لا يزال يقم هذا المعنى على
تباين الظروف وتعدد ألوان الجمال ووسائط النقل
ويأتي
الجمال بمعنى إطلاق النساء على الوجه الجميل ووردت كلمة السراح موصوفة بالجميل
مرتين في سورة الأحزاب /28
- 29: "يا
أيها النبي قل لأزواجك إن كُنتنّ تُرَدن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن
أسرحكن سراحا جميلا ".
والصبر
إمساك النفس عن الجزع وحبسها عن الانتقام أو التهور ومجال الصبر الجميل يأتي في
قوله العزّيز من سورة يوسف /18: " قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ..
".



ولقد أمر الله تعالى رسوله محمد -صلى الله
عليه وسلم- أحد أولي العزّم في مواجهة منكري البعث أو على الأقل من يستبعدون البعث
وهو يدعوهم ، يريد أن يحجزهم من النار وهم يتهاوون النار تهاوي الفراش،
فجاء
الصبر بهيئة الأمر بقوله الكريم في سورة المعارج /5: " فأصبر صبرا جميلا
".
والنبي العظيم -عليه الصلاة والسلام -يصبر على
أذى قوم تحجرت قلوبهم وطمست بصائرهم وعميت أفئدتهم ولا ينتظر منهم أن يكافئوه على
هذا الصبر على أذاهم بل سيزيد أذاهم إلى حد القتال والمواجهة ، فوصف عزّ وجلّ
الصبر بالصبر الجميل ، الصبر الذي بلا
شكوى
.


أما الهجر
الجميل
فهو الهجر الذي لا يصاحبه أذى من الهاجر للمهجور ولو كان الهجر بسبب خصومة لدود وعداء فأمر تعلى رسوله محمد بن عبد الله أن
يهجر الكفار الهجر الجميل دون أن يذكرهم بسوء إلا أن يزجي النصح لهم بعد أن أمره
عزّ وجلّ بالصبر على أفعالهم فيصبح صبره عليهم صبرا جميلا ، هجره لأفعالهم ومكرهم
إلى درجة عدم سب ألهتهم التي يعبدونها من دون الله يقول تعالى في سورة المزمل /10:
" فأصبر على ما يقولون و
أهجرهم هجراً
جميلا " .



وقد يسبب راحة نفسية وقد يحول العدو إلى صديق
، والكافر إلى مؤمن والعاصي إلى مطيع ، وهو مرادف للدفع بما هو أحسن في بعض الوجوه
قال جلّ شأنه في سورة فصلت/ 34_ 35:
" ولا
تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي
حميم ، وما يلقاها إلا الذين صبروا ، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم ".



إنّ الهجر الجميل نوع من أنواع العزّلة التي
يأمن فيها المرء من شرور المجتمع ، وقد تكون العزّلة علاجا وإقناعا، علاجا من أذى
الخلق ، وامتناعا لهم بسفاهة، أي المؤذي وسوء فعله، وهؤلاء أمامنا أهل الكهف
اعتزلوا المجتمع وآووا إلى الكهف فأعقبهم الله القدير بنشر الدعوة والنصر، وهيأ
لهم من أمرهم رشد . وقد يلتزم فيها الصافح بطي ثوب النسيان عما مر، ويلتزم فيها
المصفوح عنه بالتوبة والاعتدال والامتثال
لأمر الله ، مثال ذلك موقف النبي الهادي الأمين من أهل مكة حين فتحها سنة ثمانية
هجرية، ووقف من حوله أهل مكة، ووقفت قريش كلها تنتظر ماذا سيكون الأمر ، فسأل رسول
الله صلى الله عليه وسلم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء
".



ويدلّ
الصفح الجميل على نقاء القلب ، وصفاء السريرة وشدة الإيمان وقوته، كما يدل
ّ
على كريم الخلق، وعظيم الفضل وعلو النفس وقوة الشخصية. وكرر النبي يعقوب- عليه
السلام -
لأبنائه إعلانه بأنّهم
تعدوا بما سولت لهم أنفسهم وأنه لا يملك إزاء هذا سوى الصبر مستعيناً بالله الواحد
داعيا إياه أن يأتيه بأحبابه الغائبين لا
كشفاً
لأمر أبنائه ولكن ترضية لنفس أبيهم فلنستمع لقوله عزّ وجلّ في سورة يوسف
/18:" قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا
".



وجاء في تشريع رباني موجة إلى المجتمع المؤمن
ليقرر حق المطلقة التي لم يدخل بها ووجوب تسرحها تسريحا جميلا أي تطليقها، يقول
تعالى في سورة الأحزاب /
: 49"
يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقوهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن
من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا". فلنمتثل لقول الله تعالى و
لنصبر
صبرا
ً جميلاً
ونهجر هجرا
ً جميلاً
ونتعود الصفح الجميل وأن نشيد بالج
َمَال،
فإن
ّ الله جميل يحب الجمال.








الفقـــــــــــــــراء








يصف الله تعالى نفسه بأنه الغني في وجوده
وفي بقائه عن كل موجود عداه. وسبحانه وتعالى هو الذي يحمد ويثنى عليه لأن جميع ما
سواه مرتبط في وجوده وفي بقائه، به جلّ جلّاله. وإذا كان ربّ العزّة له الكمال
المطلق في كل ما يتصف به ، فوصفه بالغني يقصد به الغنى المطلق أو الغنى الكامل.



فالناس أصحاب الحاجة إلى خالقهم، في وجودهم
وفي بقائهم وفي أرزاقهم، فحاجتهم إلى الله القدير حاجة ماسة وضرورية،
لأنّ
ذلك هو المقابل لغنى الله تعالى المطلق يقول عزّ من قائل في هذا المعنى في سورة
فاطر /15
: " يا أيها
الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ". ففقر الناس في الأرزاق
هو حاجتهم الشديدة فيها إلى الله القدير، وغنى الله تعالى عن كل ما سواه : هو بعده
المطلق عن الحاجة بقوله الحكيم في سورة محمد /38
: "
ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن
نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا
أمثالكم ".



إنّ الفقراء هم أذن
أصحاب الحاجة الشديدة التي تلحق بالإنسان، والإنسان سائل، والسائل هو الفقير وصاحب
الحاجة الملحة وكتاب الله يؤكد عدم نهر
ٍ وَردِ
السائل بغ
ِلْطَة،
وقد لا يسأل الفقير متعففا، ولكن يعرف فقره، وتعرف حاجته الظاهرة للعيان في وجهه
وملامحه، وفي ملابسه.



وقد صف القرآن
الكريم هذا النوع من فقراء الناس في قول الله عزّ وجلّ في سورة البقرة /271"
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل
أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن
الله به عليم ".



فهؤلاء نموذج من الفقراء الذين ضاق وقتهم بسبب
الدعوة إلى دين الله تعالى ومن أجلّ انشغالهم بالدعوة الجديدة فإنهم لا يتمكنون من
السعي في الأرض لأغراض التجارة أو زراعة الأرض أو من أجلّ طلب الرزق الحلال.
ويحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم ذلك لتحول أبدانهم وشحوب وجوههم
وإهمال ما يرتدون من ثياب لأنهم لا يسألون الناس إلحافا ويلاحقونهم بالسؤال أينما
ساروا .. وأينما كانوا .



كذلك ورد مفهوم الفقر في
القرآن العظيم بهذا المعنى في قول الله في سورة البقرة /268 :" الشيطان يعدكم
الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم " .



وهكذا يخيل للذين
ينفقون من أموالهم في سبيل الله تعالى : أنهم سيصبحون بسبب إنفاقهم من ذوي الحاجة
الماسة، ولا يمكن لأحد التأثر بخداع الشيطان إلا
ّ
إذا خيل للمنافقين أنهم سيفقدون جميع ما يملكون وليس بعضه وان أيديهم ستلصق
بالتراب إن هم أنفقوا أموالهم.



ثم يوجههم إلى
إنفاق أموالهم في صنوف السوء والفحشاء لكن الله عكس الشيطان الرجيم فإنه يعدهم
مغفرة منه وفضلا. فبينما يعدكم أمرين اثنين على النقيض مم
ّا
وعدكم به الشيطان، يعدكم تعالى بالعفو عن ذنوبكم الماضية وبالأخص عن البخل كما
يعدكم عزّ وجلّ بنمو أموالكم وزيادتها إن أنفقتم أموالكم في سبيل الله عزّ وجلّ
يقول سبحانه الكريم في سورة النور /32_33 " وانكحوا الأيامى منكم والصالحين
من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما
ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا
ً
وآتوهم من مال الله الذي أتاكم ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا
لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرهن فإن الله من بعد أكراهن غفور رحيم ".



إنّ
الله واسع عليم،
واسع في القدرة والفضل
.. وعليم بمستقبل الأمور ومستقبل الوجود كله. والفقير من لا ملك له ولا كسب له
لعجز أو لشيخوخة والفقير يُعطى من الصدقات الزكاة المفروضة على المسلمين ليسد
حاجته تطبيقا لمبدأ التكافل وتخفيفاً عن حقده على من يملكون المال أو الصحبة
والقدرة على العمل. فبالزكاة يدعو الإسلام إلى الترابط على أساس إنساني، وليس على
أساس المبادلات في المنافع، والمتع المادية والمصالح الشخصية والله هو الغني
الحميد.






الفصل
الثالث






الشخصيــات









·
يأجوج ومأجوج



·
لقمان وابنه



·
مؤمن آل فرعون



·
أخوة يوسف



·
امرأة العزّيز








يأجوج ومأجوج








أشار تعالى لذكر يأجوج ومأجوج في القرآن
العظيم مرتين الأولى في سورة الكهف السابقة والثانية في سورة الأنبياء. وفي تراثنا العديد من الأحاديث الموضوعة التي
تصف يأجوج ومأجوج بأوصاف غريبة فتارة يجعلونهم عمالقة ، وتارة أخرى أقزاما ،
وأشكالهما كذا وكذا ، وهذه أقوال لعب فيها الخيال دوراً كبيراً .



لكن كتاب الله العزّيز والسنة النبوية
الشريفة هي الفيصل لكل الأمور ، إذ يخبرنا القرآن الكريم بأن يأجوج ومأجوج هم قوم
مفسدون كانوا في الزمن البعيد يعيشون خلف سد منيع يتكون من جبلين يصلهما سد من
الحديد والنحاس أقامه ذو القرنين ليمنعهم من الإغارة على جيرانهم في الجهة الثانية
من السد .



وورد في
السنة النبوية الشريفة عن زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم انه عليه
الصلاة والسلام : _ " استيقظ من نومه وهو محمر الوجه وهو يقول : لا
إله
إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق
: أي عمل صلى الله عليه وسلم حلقة بإصبعيه . قلت يا رسول الله : أنهلك وفينا
الصالحون ؟ قال عليه الصلاة والسلام : نعم إذا كثر الخبيث ". روى أحمد حديثا
ً من أن
يأجوج ومأجوج ليحفرون السد
ّ كل يوم
حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدا فيعودون إليه
كأشد ما كان. حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس حفروا حتى
إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله
فيستثنى فيعودون إليه وهو كهيئة تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون المياه
ليتحصن الناس منهم ..



ويذكر أن يأجوج ومأجوج من نسل يافث بن نوح
عليه السلام على رأي المفسرين ومرجعهم في ذلك ما
ورد في الإصحاح الأول من سفر التكوين بالعهد القديم الذي يقول
: هذه
مواليد بني نوح سام وحام ويافث وولدهم بنون بعد الطوفان بنو يافث جومر ومأجوج
ومادي
. ويقول تعالى في سورة الأنبياء96: "حتى
إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " .



ويخبرنا الرازي عن موضع السدين بأنهما ناحية
الشمال فقيلا : جبلان لأرمينية وأذربيجان وقيل هو في منقطع أرض الترك . أرسل
الخليفة الواثق بن المتوكل بن المعتصم العباسي بعثة من
العاصمة سرّمن
رأى
" سامراء الحالية شمال بغداد" للبحث عن السد ووصلوا إليه وذكروا أنهم رأوه
مبنيا من الحديد والنحاس ورأوا فيه بابا عظيما وعليه أقفال عظيمة وأن عليه حرسا
وأنه عال شاهق لا يستطاع ولا ما حوله من الجبال وذكروا للخليفة الواثق إنهم عند
خروجهم من تلك البلاد وجدوا أنفسهم في سمرقند .



ويكاد أن يتفق
العلماء جميعا على أن يأجوج ومأجوج هم قبائل التتار الهمجية الدموية التي عرفت
باسم المغول أي الغزاة ، إذ غزت العالم في القرن السابع الهجري بقيادة جنكيز خان
وحفيده هولاكو
. وكان التتار يسكنون السهول الشمالية الرقية
للعالم ، وهو موضع قريب مما ذكره العلماء عن مكان يأجوج ومأجوج وهم قوم مفسدون كما
ذكرهم تعالى في سورة الكهف فأدى نزولهم على العالم إلى تدميره وخرابه ، وقد ذبحوا
العرب وقتلوهم ببشاعة ووحشية حتى إنهم كانوا يقطعون أجساد الناس وهم أحياء
ويضعونها في أفواه الضحايا أنفسهم ح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ar-ar.facebook.com/people/Ramli-Aymanovitch/1194375133
الفارس
المدير
المدير
الفارس


جنسيتي جنسيتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Algeri11

مهنتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Studen10

مزاجــي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم 85

الجنس الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 2339

تقييم الأعضاء : 10

نقاط نقاط : 280401

العمر العمر : 31


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم   أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Emptyالأربعاء 03 فبراير 2010, 18:27

مـــؤمن آل فرعون








نلحظ في قصص القرآن الكريم إن
كان إتباع الأنبياء من عامة الناس الذين يملأون أعين السادة فنراهم يعيبون النبي
المرسل إليهم إن كان أتباعه من أراذل القوم كما زعموا.
واعتدنا
أن نجد الملأ وكان كثير من المترفين والسادة في صف الكفر والنساء.



تلك هي
القاعدة السائدة في مسيرة الإيمان التي تتبدى في القص القرآني، لكننا نجد اختلافا
ً
عنها في شخصية امرأة فرعون وفي شخصية مؤمن آل فرعون، اللتين انحازتا من طبقة الملأ
المترفين الكفرة إلى فئة المؤمنين الصادقين.
وشخصية
مؤمن آل فرعون تتيح لنا فرصة ثمينة للتنصت على جلّسة مغلقة من جلّسات علية القوم
الكافرين، وقد جمعهم البحث عن مخرج من الأزمة التي جاء فيها موسى عليه السلام.



ويجمل عزّ
وجلّ أمر موسى وفرعون، ونسمع الحوار ونرى المتحاورين في سورة غافر /23
-25:
" ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين. إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا
ساحر كذاب. فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه
واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا
ّ في ضلال
".



وقد اقترح
الملأ امتداد
اً للسياسة القديمة لبني إسرائيل باستئصال ذكورهم
قبل ميلاد موسى عليه السلام، لكن كيد الكافرين في ضلال، لأن ليس كل ما يكيدونه
يتحقق، وليس كل ما يريدونه يقع،
فللهِ جنود
السماوات والأرض والله من ورائهم محيط.
كذلك تقدم فرعون
باقتراح ثان هو قتل موسى خوفا من تبديل الدين السائد وإظهار الفساد في الأرض،
وفرعون هو ولي الأمر وعليه حماية الدين ورد
ِّ
الفساد عنهم
، لقول فرعون: أيكون موسى النبي مفسداً
في الأرض، وفرعون المستعلي المستكبر يبغي الخير لقومه. إن
ّها
بلا شك الموازين المنقلبة التي قد تعجز المخدوعين أو عمي القلوب لكن
ّها
تنكشف لمن ينظر بعين البصيرة.



وبين اقتراح
الملأ وفرعون ووسط الجو
ّ العدواني انطلق
صوت غريب غير متوقع، صوت عارض القتل ودعا قومه إلى التبصر والتدبر، وقد انقشعت عن
عينيه غشاوة الزيف و
أُبهة الملك ، وحجاب
الترف. وأي إيمان كان يملك بين جنبيه وهو يخاطر بحياته حيث وقف في وجه تيار القتل،
بدعوة الملأ إلى الإيمان.
إنّه موقف لا يمل
المرء من تكرار النظر فيه وإنها شخصية لا ينقضي العجب من روعتها
للوصول صوب
الهدف من منافذ شتى
، بقوله تعالى في سورة غافر
/28
- 29 :" وقال رجلّ مؤمن من آل فرعون يكتم
إيمانه أتقتلون
رجلاً أن يقول ربي الله وقد
جاءكم بالبينات من ربكم. وإن كان كاذباً فعليه كذبُهُ وإن يكُ صادقاً يُصِبكم بعضُ
الذي يَعِدُكم. إنّ الله لا يهدي مَنْ هو مسرفٌ كذابٌ. يا قوم لكم المُلك اليومَ
ظاهرينَ في الأرض فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا . قال فرعون ما أريكم إلا ما
أرى وما أهديكُم إلاّ سبيلَ الرَّشادِ ".



إنّ التعقيب الفرعوني لا يقطع التدفق الإيماني
الذي انطلق به لسان المؤمن وقد انكشف إيمانه بعد طول كتمان، فالمؤمن من آل فرعون
في سياق الآيات يحمل روحه على كفه، وقد
كان وقت
الدعوة إلى الحق بعد أن تميز الحق من الباطل وانكشف الزيف وماله لا
يفعل
ذلك وقد رأى المؤمن السحرة يخرون ساجدين قائلين: " آمنا برب هارون وموسى
".



ولكن لن
يضير السحرة تهديد الفرعون ووعيده لهم ويردون عليه باستعلاء وتحد قوله الحكيم :
" فاقض ما أنت قاض
ٍ إنما هذه
الحياة الدنيا ".
ويحول
المؤمن صيغة الخطاب من تفنيد دعوى وتذكير ببأس الله تعالى الذي سيأتي إلى لفت نظر
لحقائق التاريخ في صوت فيه حب الهداية وحسن توسل الداعية إلى القلوب القاسية لعلها
تلين ، ويدني هذا المؤمن الحقائق من بصائرهم علهم يهتدون ويذكرهم بما بعد الموت إن
كانوا يؤمنون في قول الحق في سورة غافر/30_35: " وقال الذي آمن يا
قوم
غني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب . مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما
الله يريد ظلما للعباد . ويا
قوم إني
أخاف عليكم يوم التناد. يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله
فما له من هاد . ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى
إذا هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب . الذين
يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا. كذلك
يطبع الله على كل قلب متكبر جبا ".



لقد سمع فرعون وقومه الحق من المؤمن لكنهم لا
يستطيعون للمنطق الذي جاءهم به دفعا لهذا وجمعوا وعقب فرعون على البيان الذي ألقاه
مؤمن آل فرعون فوجه خطابه إلى هامان بنص آيات من سورة غافر /36
-
37 "
: وقال فرعون يا هامان ابنِ لي صرحا لعلي أبلغ
الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وغني لأظنه كاذبا وكذلك زين لفرعون سوء
عمله وصد عن السبيل وما كيد فرعون إلا في تباب ".



ولم يثنِ
الرجلّ المؤمن ما سمع من فرعون من قول هزل فمضى يبلغ دعوته ، ويقول كلمته وليكن ما
يكون ، فليس ثمة مجال للتراخي أو التخفي .. وقد وجه الملأ للمؤمن ضغطا ليرده عن
إيمانه فيقول على لسان المصور في القرآن : "ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة
وتدعونني إلى النار ".



وهكذا يبقى صوت
مؤمن آل فرعون يتردد في الأسماع لأن
ّه صوت
الإيمان الرائع ونموذج هي للمؤمن الذي انبثق الإيمان في قلبه وكل ما حوله يدعو إلى
الكفر والضلال. لكن
ّ نور الإيمان قد عمّ
كل مكان في حقيقة الدنيا وزخرفها ومتاعها وما فيها من جاه
ٍ
وس
ُلطان ومالٍ
وكل ذلك متاع وحقيقة الآخرة هي دار القرار.












أخوة يوسف








كثيرة هي الأشياء التي
يراها الإنسان في نومهم، يرون عجائب وغرائب، ويذهب الناس في أحلامهم ورؤاهم مذاهب
شتى بين مصدق ومكذب ، وموقن ومتشكك . لكن المؤمن يقف منها الموقف الذي بينه
الإسلام القويم.
وجلّى لنا النبي الكريم
صلى الله عليه وسلم حقيقة ما يرى الإنسان في منامه بقوله:الرؤيا ثلاث: فبشرى من
الله، وحديث النفس، وتخويف من الشيطان.



إذن نحن أمام
يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وهو غلام غض الإهاب يغدو على والده وفي عينيه عجب يقص
ّه
على والده في سورة يوسف/4 :" إن
ّي رأيت أحد
عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين".



ثم تصور هذا
المشهد: الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا تسجد لهذا الغلام !أهذا حديث النفس، ومن ذا
الذي يحدث نفسه بمثله؟ أهو من الشيطان ليحزن رائيها ؟ فماذا تكون ؟ إن
ّ
وراءها لسرا
ً ؟ ويفهم نبي الله يعقوب عن الله عزّ وجلّ ما أراه
ليوسف ؟
وتستيقظ في نفس يعقوب كل دواعي الحب لولده
الأثير لديه، والخوف عليه إنها بشرى بنعمة، وكل ذي نعمة محسود فليستعن بالله
وليكتم ما رأى حذرا من كيد أخوته وتحريض الشيطان لهم عليه ، وتتبدى لنا في هذه المخاوف
صورة لواقع بشري كثير التكرار صورة العلاقة بين الأخوة، كما جاء في سورة يوسف /5
:" قال يا
بني لا تقصص رؤياك على أخوتك فيكيدوا لك كيدا
إن
ّ الشيطان للإنسان عدو مبين ".


ولم يكد
الأخ لأخيه ؟ إن
ّها النفس البشرية
الأمارة بالسوء، ويبشر الأب ابنه بمدلول رؤياه ويسكن مخاوفهمن كيد إخوته، فإن
ّ
له عاقبة وشأنا وسيكون لآل يعقوب من تلك النعمة نصيب، يقول
تعالى
في سورة يوسف /6
: "وكذلك يجتبيك
ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك
من قبل إبراهيم واسحق إن
ّ ربك عليم
حكيم " .



ولم يكن لمصر أن تسير إلى يوسف ليكون
فيها عزّيزا
ً ، بل لابد أن يسير هو إليها، وإذا أراد تعالى
شيئاً هيأ له الأسباب، فالرؤيا التي لاحت في نوم يوسف ترسم مستقبله البعيد
. ويستأثر يوسف
بحب أبيه كله ! أحبه حبا شغله عن الأخوة العُصْبة فإذا نظروا إلى وجه أبيهم لم
يبصروه هو بل وجدوا فيه صورة يوسف لشدة تعلقه به فثارت في قلوبهم الضغائن، وهم
يريدون النصيب الأوفى من قلب أبيهم ووجهه.



لكن أتراه الشيطان قد ضخّم
لهم الأمر، وهوَّل لهم حًب أبيهم ليوسف، وانشغال قلبه بع عنهم. لا عجب فالشيطان
سيّد الجلّسة ومُدبّر الاجتماع: أُقتلوا يُوسف؟ وهكذا إذن: أُقتلوا يُوسف، يقتلون
أخاهم، لكن ما ذنبه وما جريمته؟ أَحُب
ُ الأبِ
لأحد
ِ أبنائهِ
يدعو إخوانه الآخرين إلى قت
لهِ، ذلك أول
ما
بدا لهم في أمره لكنّه
مقرون بشيء آخر من قوله تعالى في سورة يوسف/9: " أُقتلوا يوسُف أو اطرحوه
أرضاً يَخْلُ لكم وَجْهُ أبيكم. وتكونوا من بعده قوماً صالحين".



فإذا لم يكن القتل
فليكن النفي والنفي أخو القتل
فكلاهما
يخلي وجه الأب بالإخوة الع
ُصْبَة
.. ونسمع قوله العزّيز
في الآية
السابقة: "وتكونوا من بعده قوما
ً صالحين
".



ثم يأتي صوت
مر
جح لاقتراح النفي، ويعطيهم الوسيلة التي تحقق لهم
ما
يريدون وتحفظ على يوسف حياته الجب ممر القوافل
تلتقطه منه قافلة وتمضي به بعيدا فتطوى صفحة يوسف الصديق من حياة أبيه ويخلو
لإخوته وجه أبيهم !



ولا يعدم
الشيطان الوسيلة فيوحي إليهم أن يستدرجوا يوسف معهم إلى رحلة برية قريبة من الجب
لكن كيف يحتالون على أبيهم الذي زاد حرصه على يوسف بعد تلك الرؤيا وزاد شكه فيهم
بل أنهم لم يخفوا عن والدهم ما يجدونه من ذلك بقوله تعالى
في سورة
يوسف /13
: " قال
إن
ِّي ليحزنن أن تذهبوا أن تذهبوا به "


إذن
لا
يطيق الأب فراق ولده ولو ليوم واحد ، لكن لابد
من تنفيذ الخطة المرسومة؟ وتجادل العصبة الأب الحنون ولا يتركون له حجة خاصة الحجة
في دحض الخوف من يأكله الذئب ، ويعلم النبي يعقوب عليه السلام أن الحذر لا
يرد
القدر، وأن أمر الله لابد أن يتم وأنها محنة لابد فيها من الصبر.



ذهب
يوسف مع إخوته وتتغير عليه وجوه إخوته من اللين والرفق إلى الأيدي التي أمسكته
بقوة لتشد وثاقه ، ويدلي في غيابه الجب ، ونرى تصوير ذلك من الآية الكريمة من قوله
تعالى في يوسف/15
- 16 : " فلما
ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابه الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم
لا
يشعرون . وجاءوا أباهم عشيا يبكون ".


وينظر يوسف
الصديق إلى نفسه في غيابة الجب وتلفه المخاوف ويعصر قلبه الألم ، ويتذكر أباه الذي
لا
يطيق فراقه وأخوته الفاعلين، وتبدأ رعاية الله
القدير ليوسف في محنته مع أخوته فها هي قافلة متجهة صوب مصر تمر بالبئر، ويتعلق
يوسف عليه السلام بالحبل ليوثق به عبدا يباع بثمن بخس دراهم معدودة. هذا قدره
العظيم أخذوه ليشتريه عزّيز مصر وليكون من أمره ما كان ، ويلفت النظر أن يعقوب
عليه السلام استسلم لفرية أولاده ، وهو يعلم إنهم كاذبون
ولم يدعو أحدا
لأنه سلم أمره لله عزّ وجلّ : في سورة يوسف/18 : " بل سولت لكم أنفسكم أمرا
فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون " مضى يوسف إلى مصر حيث جرت به
الأقدار بعد تآمر أخوته عليه وان الذئب قد أكله حين ذهبوا يستبقون












امرأة العزّيـــــز








ضمت سور القرآن الكريم أمثلة راشدة من النساء
في امرأة الفرعون وأم موسى ومريم بنت عمران
نحن
أمام امرأة العزّيز وهي شخصية من نوع آخر. امرأة من الطبقة العليا في المجتمع ،
وتحت يدها الحشم والخدم ، وما شاءت من متاع الدنيا.



إنّها
سيدة من سيدات القصور .. يأتيها زوجها عزّيز مصر بغلام اشتراه يقول تعالى في سورة
يوسف /21 :" أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا " .
وتمضي
الأيام متسارعة والسنون، والغلام يكبر وينضج، وتتفتح آيات جماله أمام عيني سيدة
القصر التي لم تبرح أذنها وصية زوجها من قوله الحكيم في سورة يوسف /21 " عسى
أن ينفعنا " .



ثم يبلغ يوسف
مبلغ الرجال ، وينمو في قلب امرأة العزّيز ميل غريب نحوه
... ميل
ينمو ويشتد ويستحكم. لقد طال زمن العشرة وتغلغل الحب في شغاف قلبها حتى إنها لم
تعد تبصر في يوسف انه عبد في قصرها ، بل صارت تحسبه انه السيد، وسيدها ، وسيد
القصر. وصارت تبدي له الميل وتلين القول، تستعطفه بالنظرة والكلمة والرعاية ..
لكن أكان
يوسف في غفلة عما تبدي وتخفي هذه المرأة ؟ أيشكو سيدة القصر إلى سيده ؟ وهل يسمع
قول مثله في مثلها ؟ ليس أمامه سوى الصبر والاعتصام بإيمانه ؟



لما طال الأمر، وجدت المرأة فتاها لا يزيد
تقربها منه إلا
ّ صداً وميلها
إليه غلا إعراضا
ً .. وتذللها استعلاءً فقالت:
لابد من خطة م
ُحكمة لا يجد
منها يوسف مناصا !
يقع مرة واحدة، ثم
يسهل عليه الأمر ويلين.



وأخلت امرأة
العزّيز المكان الذي أرادته مسرحا للخطيئة، وغلقت الأبواب كي لا يجد يوسف مهربا
وليجد الأمان، واتخذت كامل زينتها، وصرحت بما كانت به وطلبت بلسانها ما كانت تطلبه
بالنظرة والكلمة والإيحاء قال تعالى في سورة يوسف/23:
"
وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك".



أي موقف ليوسف هذا ؟ فتى متوقد الشباب ،
وامرأة ذات منصب وجمال تقبل مصارحة بعد طول محاولة ، ويأتي رد الفعل الأول لدى
يوسف على هذه الصدمة النفسية التي وجدها كاشفا عن حقيقة شخصيته بقول
ه الكريم في سورة يوسف /23: 0معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح
الظالمون ".



ولم ينسَ
يوسف ربه فأبى أن يكون خائنا لمن أراده في منزلة الولد ! وما تدعوه إليه ظلم
أتراها سمعت ما قاله يوسف ، لقد حال بينها وبين ذلك ما هي فيه من غمرات النفس
وأمواج الهوى ، إنها في موقف لا
تراجع عنه
.. موقف العرى النفسي قبل الآخر فكيف تتراجع امرأة العزّيز فكان منها إقبال لا
إدبار عنه ؟



كان
يوسف معتصما ، يرى ما يدعوه للإقدام ويعصمه الله تعالى ببرهان يراه أيضا فيحاول
الخلاص من امرأة السوء ولكن الأبواب قد غلقت ! ويعدو وتلحقه وتمسك بقميصه ويزداد
تفلتا وعدوا حتى تشق القميص إنها معركة شد فيها يوسف معرضا عن الفحشاء وجرت المرأة
وراءه أشد ما كان الجري .



ثم يأتي فرج
الله القريب فسيد القصر لدى الباب الذي استبقا إليه ، وينقشع عن المرأة ضباب النفس
والهوى وترتدي قناع العفة والشرف وتقذف يوسف بما هيأت نفسها له وينظر يوسف فيرى
الكذب في كل حرف قالته امرأة العزّيز وينطق الحق في قوة وإيجاز رباني في سورة يوسف
:/26: " هي راودتني عن نفسي ".



ويرد يوسف إلى قول المرأة الماكرة الذي
ارتجلت
ه وكأنما كان مدبرا في رأسها من قبل بقوله في
السورة ذاتها سورة يوسف/25 : " ما جزاء من أراد بأهلك سوءا غلا أن يسجن أو
عذاب أليم " .



لقد نصر الحق تعالى نبيه يوسف الصديق وينطق
شاهد من أهلها بالدليل القاطع ، ويبرأ يوسف من الجريمة ، ويأتي رد فعل العزّيز على
هذا الموقف الذي تغلي فيه دماء الرجال رزينا يستفز الأعصاب ، يقول
تعالى
في سورة يوسف/29: " يوسف اعرض عن هذا واستغفر لذنبك ".



وينفض الجمع
المحتشد، ويمضي نبي الله يوسف في حياته وصورة الموقف لا تبرح خياله أيمكن أن يحدث
هذا ؟ ويحمد الله الذي نجاه وعصمه .. ويسأله أن يكون ذلك الموقف خاتمة المحاولات
الآثمة .



وقد سمعت نسوة
المدينة بخبر امرأة العزّيز وعجبن أن تراود فتاها وهي من هي ؟ ودبر لها الشيطان
مكيدة لتضع أمام أعينهن غدرها لتقطع ألسنتهن . ويسجلّ القرآن الكريم أروع تصوير في
سورة يوسف لتلك الصدمة التي أحدثها ظهور يوسف عليهن بقوله سبحانه
:" فذلكن الذي لمتنني فيه ، ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن
لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين
: "
وقالت أخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا
ً،
إن
ْ هذا إلا ملك كريم".



ودعا يوسف أن يسجن دفعا لكيد النسوة، ولكنّه
أحسّ في أعماق
نفسه بالظلم فالبريء في ظلمات السجن
والمُجرم
الحقيقي يمرح في القصر ولكن لله
الحق في كلِ
أمر
ٍ حكمة ثم يدخل
يوسف
في محنة جديدة...











ذو القرنين





كان
ذو القرنين غازياً فاتحا محارباً، لا يصادف في طريقه مرتفعاً إلا سلكه، ولا عالياً
إلا ظهره، ولا عدواً إلا كسر سلاحه وقص جناحه. ولا يبالي ذو القرنين في الجهاد،
الحر
ّ ولا القرّ
ولا السهل ولا الوعر، إذ كان الله عزّ وجلّ قد مكن له في أرضه، ورزقه الطاعة والانقياد
في جنده. ثم آتاه الخالق القدير من كل شيء يحتاج غليه في توطيد ملكه سبباً، ومنحه
في القتال حظاً سعيداً. قال تعالى في سورة الكهف/83-85 :
" ويسألونك
عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكراً * إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء
سبباً * فأتبع سبباً
".


وبقيّ
ذو القرنين يسير ويسري حتى انتهى إلى عين اختلط ماؤها وطينها، فتراءى له أن الشمس
تغرب فيها، وتختفي وراءها، وظن أنه ليس وراء هذه العين مكان للغزو ولا سبيل
للجهاد. لكنه رأى عندها قوماً هاله كفرهم، وكبر عليه ظلمهم وطغيانهم، إذ عتوا في
الأرض عتواً وأكثروا فيها الفساد، وسفكوا عليها الدماء استجابة للشيطان، وجرياً
وراء نوازع النفس.



ثم استخارذوالقرنين الله تعالى في أمر هؤلاء،
فخيره عزّ شأنه بين سبيلين، يختار إحداهما ويسلك ما يريد منهما: إما أن يذيقهم
القتل ويوقع بهم النكال جزاء كفرهم وطغيانهم، أو يمهلهم ويدعوهم لعل فيهم من يهتدي
أو يرعوي، فأختار الإمهال على القتال، والحسنى على تثخين جراحهم، يقول
الله عزّ وجل في سورة الكهف/ 87-89: " قال
أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكراً * وأما من آمن وعمل
صالحاً فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسراً ثم أتبع سبباً
".



ولقد أقام ذو القرنين فيهم زمناً ضرب
على يد الظالم، ونصر المظلوم، وأخذ بيد الضعيف، وفشا فيهم العدل والصلاح. بعدها
شاء ذو القرنين أن يثني عنان عزّمه صوب الشرق، فسار غازياً حتى انتهى في سيره إلى
غاية العمران في الأرض، ووجد قوماً تطل الشمس عليهم وليس لهم بيوت تسترهم أو أشجار
تظلهم. كان هؤلاء القوم جهلاء أصحاب فوضى، فبسط على بلادهم سلطتهن وخلفهم إلى
الشمال غازياً حتى وصل إلى بلاد بين جبلين، يسكنها أقوام لا تكاد تعرف لغاتهم قد
جاوروا يأجوج ومأجوج، وهم قوم مفسدون ضالون ومضلون ..



وحينما رأوا ذا القرنين ملكاً قوياً وله
أعوان، حتى هبوا ليقيموا سداً بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج.
وإنّ
قوم يأجوج ومأجوج قوم ركب الشر في نفوسهم جبلة، وامتزج الفساد بين جوانبهم خلقة
..حتى السيف لا يمكنه أن يردع
هؤلاء القوم، والنصح
محال أن ينفعهم، وشرطوا على أنفسهم نولاً يدفعونه إليه، وأموالاً يضعونها بين يديه
..
وقال تعالى
في سورة الكهف/94:
" قالوا يا ذا القرنين
إن
ّ يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك
خرجاً على أن تجعل بيننا وبينهم سداً
".


لكنّ ذا القرنين بما طبعه الخالق تعالى على
الخير، وما فطره على الصلاح، وما أعطاه عزّ وجلّ من كنوز الأرض أجابهم على سؤالهم،
ورد
ّ عطاءهم، وطلب ذو القرنين أن يعينوه على ما
يفعل، ويساعدوه على ما يصنع، فحشدوا له الحديد والنحاس والخشب والفحم، فوضع بين
الجبلين قطع الحديد وأحاطها بالفحم والخشب ..بعدها أوقد النار، وأفرغ عليه ذائب
النحاس، واستوى كل ذلك بين الجبلين سداً منيعاً قائماً، يقول تعالى في سورة الكهف/
96-97:
" آتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال
انفخوا حتى إذا جعله ناراً قال آتوني أفرغ عليه قطراً * فما استطاعوا أن يظهروه
وما استطاعوا له نقبا
ً".


ولم تستطع يأجوج ومأجوج أن تظهره لملاسته، أو
تنقبه لمتانته، وأراح تعالى منهم قوماً كانوا يشكو من أذاهم، ويألم من عدوانهم.
أما ذو القرنين فإن
ّه لما شاهد السد
منيعاً متيناً
وهتف من قرارة نفسه بقوله العزّيز في
سورة ال
كهف/ 98-100: " قال
هذا رحمة من ربي فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً * وتركنا بعضهم
يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعاً * وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين
عرضاً
".








الفصل
الرابع






النباتـات والفواكــه












·
شجرة الزقوم



·
الكافور



·
الثمار



·
العرجون



·
الطلح



·
التين


* الرمان











شجــــرة الزقـــوم








إذا كانت الأشجار ترتبط بالخير والبركة والرزق
فهناك شجرة ارتبطت بالشر والكفر والعذاب الشديد أنها شجرة الزقوم التي عرفت بأنها
الشجرة الملعونة الموجودة في جهنم بين ما أعد الله تعالى للكافرين من عذاب .



ويرد
ذكر شجرة الزقوم بعدما أخبرنا جلّ
جلاله به بما
يلقاه المؤمنون من عباده في جنات النعيم من تكريم ورزق معلوم وشراب من كأس معين
وحور عين ، لنجد في المقابل من ذلك، ما أعد في جهنم من عذاب لأهل الكفر والضلال
نحو شجرة الزقوم والتي هي فتنة للظالمين. ولم يصدق أهل الضلال بوجود تلك الشجرة في
جهنم وما ورد بشأنها في القرآن الكريم وقال في سخرية: " صاحبكم ينبئكم أن في
النار شجرة والنار تأكل الشجر ".



وكان
ذلك التكذيب منهم هي الفتنة التي ظلموا بها أنفسهم واستحقوا عذاب الله تعالى وورد
ذلك في سورة الإسراء بقوله عزّ وجلّ في سورة الإسراء /60 : "وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة
للناس والشجرة الملعونة في القرآن ".
وسميت الشجرة بشجرة الزقوم لأنه اسم مشتق من كلمة تزقم الطعام أي ابتلعه،
والابتلاع يفيد الألم والقسر وليس الأكل بما يعطيه من متعة.
وافتتن
بذكر الشجرة في القرآن أبو جهل الذي قال :إنما الزقوم هو التمر والزقوم أتزقمه ؟
وكان أبو جهل يتحدث عن طعام عربي يعرف بالزقوم خليط من التمر والزقوم.



إنّ شجرة الزقوم هو
طعام أهل النار من نتاجها كما واضح من صدر الآية و
هذه الشجرة
هي نقيض الخير، بينما الخير هو ذلك الفوز العظيم الذي يترتب على الإيمان بالله
ورسوله ترى النقيض من ذلك شجرة الزقوم وما بها من عذاب، قال تعالى في سورة الصافات
/64: " إنها شجرة تخرج من أصل الجحيم ". ومنبت شجرة الزقوم قرار
النار
في قلب جهنم، ولفظ الجحيم اسم مشتق من قوله : جحيم النار
،
أي وقدها. ويقال
: حجمت بمعنى اضطربت.
وسميت النار بالجحيم لتأجج نارها وشدة حرارتها، وتوصف شجرة الزقوم في سورة الصافات
/65: "طلعها كأنه رؤوس الشياطين ". والطلع ثمار النخيل واستخدم هنا
كاستعارة لفظية ومعنوية حتى نرى التقابل بين ثمار النخل الذي هو من نعم الجنة،
وثمار شجرة الزقوم بما هي عليه من بشاعة وقبح كوجه الشيطان .



وإنّ
الوجه والثمار مكانها قمة النخل والطرف العلوي من الجسد، وهو تشبيه يوحي بالعلاقة
بين شرور الكفار وما قادهم إليه بوسوسته، فانضموا إلى جنده فالصور البلاغية التي
صورت بها شجرة الزقوم هي إبداع بلاغي معجز يترك في النفس أثرا عميقا
ً،
ويعبر تعبيرا
ً صادقاً
عن تلك الشجرة التي قربها ذلك التشبيه من الأذهان على نحو يبعث الرهبة في النفوس،
أو يجسد بعض ما في جهنم من صنوف العذاب ، ويؤكد ذلك الوصف العلاقة الوطيدة بين
إتباع خطوات الشيطان وما يؤدي إليه من عذاب في نار جهنم.



وتتوالى
الآيات الكريمة
لتخبرنا بصنوف العذاب
التي تربط بشجرة الزقوم التي ثمارها وطعمها هو طعام أهل النار.
بقوله سبحانه وتعالى: " فإنّهم
لآكلون منها فمالئون منها البطون ". ويجيء حرف اللام في " لآكلون "
للتأكيد، لأن
ّ أهل النار يأكلون من الثمار الكريهة لتلك الشجرة حتى تمتلئ بطونهم، أما بسبب ما يشعرون به من
الجوع الشديد، أو لأنهم يقسرون على أكلها كرها لتعذيبهم، حتى تمتلئ بطونهم من
ثمارها البشعة فذلك هو الطعام الذي قال
عنه تعالى في سورة الغاشية /7:" ليس لهم طعام إلا من
ضريع. لا يسمن ولا يغني من جوع ".



كما أنّ طعام
الكفرة في جهنم
هو من
شجرة الزقوم و
ورد بشأنه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي
أخرجه الترمذي والنسائي: " اتقوا الله حق تقاته، ولو أن قطرة من الزقوم قطرت
في بحار الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم ، فكيف بمن يكون طعامه".



ونعرف من آيات سورة
الصافات العديد من أنواع العذاب التي تترتب على طعام شجرة الزقوم الذي يورث العطش
الشديد، فأهل النار إذا ما أكلوا منها كان لهم شراب فيه عذاب جديد. يقول تعالى في
سورة الصافات /67 : " أن لهم عليها لَشَوْباً من حميم "



فشراب أهل النار مزيج من حميم -
الصديد
- والغساق وهو ما يسيل من فروجهم وعيونهم، يقول النبي عليه
الصلاة والسلام: " يقرب إلى أهل النار ماء إذا ادني منهم شوى وجهه، ووقعت
فروة رأسه فيه، فإذا شربه قطع أمعائه، حتى تخرج من دبره".
أما إذا
جاع أهل النار أكلوا من شجرة الزقوم ثم يشربون من ذلك الشراب الذي قال عنه تعالى
في سورة الكهف /29 :"وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه "
.
و
"ماء المهل"
في الآية الكريمة وفي حديث للنبي صلى الله عليه وسلم
هو ماء
كعكر الزيت إذا قرب إليه سقطت فروة وجهه منه،
ثم وردت
في القرآن الكريم سبعة عشرة آية للفظ حميم الذي وصف به شراب أهل النار. يقول الحق
في سورة يونس /4 :" والذين كفروا لهم شراب حميم وعذاب أليم بما كانوا
يكفرون"
.


واثر العذاب لأكلهم من الشجرة والشراب الحميم
فإنهم يساقون إلى مثواهم في الجحيم يقول عزّ وجلّ في سورة الصافات /68: " ثم
إن مرجعهم للإلى الجحيم
". فحرَّف
ثم في الآية الكريمة يضيف معنى جديدا
ً للآية،
لأن
ّه يفيد التمهل والعطف ترتيب حدّ
الأفعال فهذا جزاءهم لأن
ّهم وجدوا
آباءهم على الضلالة فاتبعوهم فيها من غير دليل ولا برهان
بقوله الكريم في سورة الصافات /70 :" ألقوا آباءهم ضالين. فهم على
أثارهم يهرعون" .












الكافـــور








ذكر الكافور بآية واحدة من سورة الدهر،
ويخبرنا عزّ وجلّ فيها ما أعده للأبرار والمؤمنين من أنواع النعيم في جنات الخلود
. فإن عباد الله يشربون في الجنة من تلك العين وما بها من ماء طيب أشبه في طيبه
بالكافور وذكر إنهم
"يفجرونها تفجيراً"، أي يتصرفون فيها
حيث شاءوا وأين شاءوا في قصورهم ودورهم .



والتفجير في الآية
السادسة من سورة الدهر يعني الإشباع. بمعنى أن هذا الماء الطيب المتاح لهم حيثما
كانوا في الجنة، فهو ماء سهل لا يمتنع عنهم أبدا
ً. وكان
ابن عمر رضي الله عنهما إذ استجمر بالالوه
-تبخر
العود
- وكذا بكافور يطرحه مع الألوه ثم قال ابن عمر رضي الله عنهما :وهكذا كان يستجمر رسول الله صلى الله عليه
وسلم.



إننا نعرف من هذا الحديث بأن
الإستجمار استعمال البخور كان يتم بمادة العود وبالكافور غير المخلوط بأنواع أخرى
من الطيب
. وتناول العالم جلال
الدين السيوطي في مؤلفه
" الإتقان في
علوم القرآن
" ما وقع بغير لغة العرب في القرآن الكريم وما
أدخله العرب في لغتهم من ألفاظ تعود في أصلها إلى لغات أخرى كالنبطية والرومية
وغيرهما.
وتأكيدا بأنّ
القرآن
المعجز الذي نزل بلغة قريش قد أحتوى على جميع لغات
العرب ولغات غيرهم من الروم والحبش والفرس
.



وأورد
السيوطي دراسة مفصلة لتلكم الألفاظ فذكر أن من بينها لفظ الكافور غير عربي مستندا
ً إلى
دراسة اللغوي البغدادي
ابن أحمد
الجواليقي الذي كتب المختصر
في النحو،
وأسماء خيل العرب وفرسانها وكتاب
" المُعرب
من الكلام العجمي
ذلك الكتاب الذي حدد
فيه مصدر كلمة الكافور وأصلها ..



كذلك دلت بعض
الدراسات العربية لفظ الكافور بقصيدة من أربعة وعشرين لفظا من الألفاظ المعربة في
القرآن الكريم ومن بينها الكافور. وهي قصيدة نظمها ابن السبكي
. وقد عرف
العرب الكافور وقدروا قيمته وطيبة، ومن بين الأسماء التي أطلقت عليه
اسم الرياحي
لتصاعده مع
الريح خاصة عندما يطرح مع العود الذي بدوره من نبات ينمو في الهملايا ويطلق عليه
اسم الأرغول ويجنى بتشريط الشجرة .



وذكر داوود
الأنطاكي في تذكرته المعروفة، أن شجرة الكافور تموت بعد استخراج تلك المادة منها
ومن بين ما ذكره ال
أنطاكي من صفات هذه
المادة وتأثير رائحتها القوية
وإنّ الملوك
قديما كانوا يصنعون أسرتهم وتخوتهم منها. لأن
ّ
رائحة الكافور القوية والنفاذة تبعد الهوام والحيات والحشرات كالبق والقمل .



كذلك يستعمل
الكافور لعلاج حالات الإسهال والحميات وقروح الرئة والسل والتهاب الكبد وذات
الجنب، ومن خواص الكافور التعادل مع المواد السامة ويبرد الأمزجة ويصلحه المسك
والعنبر,
وإنّ صفات
الكافور الطيبة ورائحته الذكية إنما تشكل عنصرا من عناصر تلك النعم التي أعدها
تعالى للمؤمنين الشاكرين بقوله في سورة الدهر 5-6
: "
إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا
ً".
عندما يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا " .



وعندما تتأمل
إبداع الألفاظ القرآنية وغزارة معانيها والتقابل بين الألفاظ ومدلولاتها فيستوقفنا
ذلك التقابل بين لفظ
"الكافور"
في سورة الدهر ولفظ
"كفوراً"
في نفس سورة الدهر /3 : " إن
ّا هديناه
السبيل إما شاكرا وإما كفورا ".



فالكفور هو الكافور، والكفر في لغتنا العربية هو
ستر نعمة المنعم أو جحدها وهو اسم له دلالته في الكثير من معانيه التي توضح ذلك
الاستخدام، فهو يعني الظلمة التي تستر ما فيها عرفت شجرة الكافور في شبه الجزيرة
العربية منذ القرن السادس الميلادي، والنبات الذي عرفه العرب هي شجرة الكافور التي
تعرف باسم الهندية ويعرف هذا النبات بأنه قاتل نفسه لأنه يتآكل من تلقاء نفسه
فينقص حتى لا
يبقى منه شيء.


أما الكافور الذي نعرفه اليوم والذي يستخرج
من الفصيلة الغارية أو الغاريات فهو يختلف عن ذلك الذي عرفه العرب وان كان يشترك
معه في صفاته الأساسية وكلاهما عقار دستوري
أي يرد في دساتير
الأدوية .



ويستخلص الكافور حديثا ليس بكشطه من شقوق
الأشجار كما في السابق بل يستخلص من تقطير خشب النبات للحصول على المادة التي
تستخدم في عمل الروائح العطرية وفي صناعة بعض الأدوية .
وأرتبط
الكافور والعود ارتباطا
ً وثيقاً
بالروائح الطيبة الذكية لما يحتوي من مواد عطرية وغالبا ما يقرن السدر والكافور
سوية
. وتعدُّ شجرة الكافور شجرة أريحية من فصيلة الغاريات
موطنها الأصلي جنوب بلاد الصين كما تنمو في الهملايا وولاية الآسام وبعض تلال
الهند. وهناك نوع من الكافور ينمو في جزر بورنيو وسومطرة وهي شجرة أوراقها دائمة
الاخضرار وأزهارها ضاربة إلى الصفرة ..












الثمــــــار








الثمار والثمرات اسم يرتبط بعالم النبات
والأشجار وهو جمع ثمرة ، ويجمع اللفظ على ثمار وأثمار وثمر . ويقصد به حمل الشجر
وهو ما يعقب الزهرة مباشرة من تحول مبيضها بعد الإلقاح ، واشتق منه لفظ ثمراء
لتوصف به الأرض كثيرة الثمار ويقال كذلك
:
أرض ثمراء الثمرة في مفهوم علم النبات
عبارة عن مبيض ناضج تكونت داخله البذور، والثمار أما بسيطة أو متجمعة أو مركبة ،
وتقسم الثمار البسيطة إلى نوعين: الجافة
مثل ثمار
الورود والقمح والبازلاء والخردل، وأما غضة
كالطماطة
والخيار والبلح والعنب.



بينما تكون الثمار
المتجمعة كرابل سائبة تتجمع في ثمرة واحدة كما في ثمرة الشليك، والثمار المركبة هي
ما تشترك فيها مجموعة من الأزهار لتكوين الثمرة كثمار التوت والأناناس
والتين.وللثمار فوائد عديدة للإنسان فمنها طعامه وهي مصدر العقاقير الطبية والشحوم
والزيوت، والثمار من أعظم نعم الله العزّيز على الإنسان وهذا ما يذكنا به جلّت
قدرته في مواضع عدة من القرآن الكريم .



ولقد ورد
لفظ الثمار والثمر في
أربع وعشرين آية من
آيات التنزيل الحكيم
منها في سورة الأنعام /99: " أنظروا إلى ثمره
إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون "
. ولما
كان
ت الثمار هي
حصيلة الزرع ف
تعدّ القيمة
المادية الملموسة لجهد الإنسان وعمله في الحياة يوجهنا الله تعالى إلى أن نأكل منه
من ثماره وننعم بأفضاله ونعمه علينا، وتوجهنا آياته البينات بأن نراعي حق الله
الجلّيل فيما أوجبه علينا من زكاة وصدقات يقول عزّ وجلّ في سورة الأنعام /141 :
" كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ".



وإخراج
الثمرات بالماء يدل على قدرة الله ومشيئته سبحانه، إذ جعل سبباً في خروج الثمرات
ومادة لها، كما وأن ماء الأصلاب سبباً في خلق الجنين، فمصدر الخلق واحد في الإنسان
والنبات وهو الماء الذي جعل تعالى منه كل شيء حي، وعظمة الله كبيرة فخلق الأرض
لينزل عليها الماء فتربو وتخضر، وينبت النبات والزرع ومنه تخرج الثمرات. يقول
سبحانه العظيم في سورة البقرة /22:" الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناءً
وأنزل من السماء ماءً فأخرج به من الثمرات رزقاً لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم
تعلمون
" . [/font:9a5c
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ar-ar.facebook.com/people/Ramli-Aymanovitch/1194375133
الفارس
المدير
المدير
الفارس


جنسيتي جنسيتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Algeri11

مهنتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Studen10

مزاجــي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم 85

الجنس الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 2339

تقييم الأعضاء : 10

نقاط نقاط : 280401

العمر العمر : 31


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم   أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Emptyالأربعاء 03 فبراير 2010, 18:29

الطلــــــح








الطلح في لغتنا العربية هو الموز،
والواحدة منه طلحة ، وأشجار الطلح أشجار ضخمة وتعرف مزرعة الموز باسم الطليحة وهي
المنطقة التي يكثر بها أشجار الطلح ، وان كان نفس الاسم يطلق أيضا على أشجار ضخمة
من نوع العضاة وهو شجر له شوك يستخرج منه الصمغ.


ورد ذكر الطلح في سورة الواقعة وتناول
المفسرون الآيات من حيث أنواع النباتات التي ذكرت بها. فالسدر هي أشجار النبق
الضخمة التي تنمو في جزيرة العرب ، وان كان ذلك السدر الذي يوجد في الجنة لكنه
يختلف عن سدر الدنيا بأنه كثير الشوك قليل الثمر، وفي الآخرة على العكس من ذلك
كثيرة الثمر لاشوك فيها.


وجاء إعرابي
يوما وقال: يا رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هي ؟ قال: السدر فان له شوكا مؤذياً.
فقال عليه الصلاة والسلام : أليس الله تعالى يقول: في سدر مخضود ، خضد الله شوكه
فجعل مكان كل شوكة ثمرة فإنها لتنبت ثمرا تفتق الثمرة منها على اثنين وسبعين لونا
من طعام ما فيها لون يشبه الآخر.


أما الطلح" الموز"
ففسره عدد من المفسرين ، فذكروا بأنه الشجر العظيم بالحجاز المعروف بشجر العضاة
وهو شجر كثير الأشواك. وقال مجاهد فيه بأن أشجار الطلح والسدر في الجنة لها ثمر
أحلى من العسل. كذلك فُسِّرَ
الطلح بأنه الموز، وتلك التسمية مأخوذة من لغة أهل اليمن .. والصفة المميزة لأشجار
الجنة هو الظل الممدود.


وإن تلك
النعم التي يسرها الله سبحانه وتعالى لأصحاب اليمين كثيرة ومتنوعة بما ذكر من
أنواع الفاكهة والشراب والظلال والحور العين، والطلح أي ثمار الموز التي بالجنة
طلعها هضيم أي سهلة الهضم، ولفظ منضود مشتق من الفعل نضد لفظ مأخوذ من قولهم:
" نضد المتاع " أي رصه وضخمه إلى بعضه متسقاً متراكما .. كقول الله
تعالى في سورة الواقعة 29:" وطلح منضود". يقال: تنضدت الأسنان بمعنى
تناصفت. وانتضد القوم بمكان أي : اجتمعوا به ووصف ثمر الطلح بقوله الكريم: "
منضود " لأنه متراكم كثمار الموز على شجرتها فهي متسقة متراكمة ، وهذه الصفة
تؤكد أن الطلح التي تتحدث عنه الآية هي ثمار الموز وليس طلع النخيل أو ثمار أشجار
أخرى.


ولقد عرف
علماء العرب المسلمين الطلح بأنه الموز وأوصى الإمام محمد الذهبي في كتابه الطب
النبوي بتناول الطلح مع العسل لعلاج البرد. وشرحه
العالم داود الأنطاكي في كتابه المعروف تذكرة داود وشرحه بأنه شجر مربع سبطه يطول
فوق ثلاثة أذرع بحسب وفرة المياه وجودة الأرض ، وان الشجرة تخرج عرجونا تعلق به
الثمار بعد نثره زهرا ، وهو حلو كالعسل. وفي كل يوم
تسقط دودا من شجرة الطلح ، يعرف من عقدها عمر الشجرة الذي يصل إلى سبعين يوما.



وتموت
الشجرة وينبت بعدها أفراخ تحل محلها وأجود الموز الكبير الأصغر الحلو وأوصى داود
الأنطاكي باستخدام الطلح (الموز)في علاج السعال وأوجاع الصدر وخشونة القصبة
الهوائية وفقر الدم . ومن فوائد الطلح
انه طعام مغذ وله فوا ئد علاجية، إذ أن دهنه مع الخل والليمون يعالج القرع والجرب
وأمراض الجلّد ، وإذا خلط الموز بماء بذر البطيخ يجلّو الكلف وينعم البشرة ويحسن
اللون وتستعمل أوراق الموز لعلاج الدمامل فإذا وضعت ورقة من شجر الموز على الأورام
حللها وهو طعام ثقيل يصلحه العسل والسكر الذي يوصي داود الأنطاكي بتناوله معه.
فثلاث موزات تكفي نصف حاجة الجسم من جميع العناصر الغذائية، فملح الحديد يعالج
الأنيميا - فقر الدم -
وملح الكالسيوم والفسفور يساعدان على حماية الأسنان وتقوية العظام والأظافر، ويمنع
فيتامين ج مرض الأسقربوط ونزيف اللثة
" .


وعندما يضاف الحليب إلى الطلح فأنّه
يصبح غذاءً كاملاً وهو طعام مفيد للأطفال، فيزيد من الذكاء لأنه يزيد القدرات
الذهنية لاحتوائه على الفسفور إلا أن كثرته لا تلائم البدين لأنه يزيد الوزن ولا
تلائم المريض بالسكر، ويجب عدم الإكثار من تناوله في حالات الإمساك .


كما أكدّ العلم الحديث ما كان
قد انتهى إليه عالمنا العربي داود الأنطاكي منذ أكثر من ألف سنة من أن الطلح مفيد
في حالات تصلب الشرايين ومريض الكلى، إضافة لفائدة الموز لحالات التعب وأمراض
الروماتيزم والتهاب الأعصاب ، ويوصي بأن يؤخذ من ثمار الموز دقيق يصنه منه الخبز
للمصابين بالبول الزلالي.


ولأشجار الطلح ساق طويلة وأوراق كاملة كبيرة
جميلة المنظر تلتف حول بعضها عند قواعدها مكونة ما يعرف بالساق الكاذبة الغليظة .
وتعطى شجرة الطلح شمراخاً واحدا من الموز في حياته ثم يموت بعدها وتخرج من جذوره
خلف صغير يحل محل النبات الأصلي وهو يتكاثر بالفسائل . وتجود زراعة الموز في
الأراضي الطينية الخفيفة، وتحتاج زراعته إلى كميات وفيرة من الماء ومن السمادَيْنِ
العضوي والمعدني ..











التيــــــن








كرّم الله عزّ وجلّ التين بأن أقسم به في كتابه الكريم
.. وهذا القسم القرآني يعطي للنبات قيمته العظيمة ، فقد أقسم الله بالتين والزيتون
في سورة التين لأنهما عجيبتان بين أصناف
الأشجار المثمرة.


وروي انّه
قد أهدي لرسول
الله الكريم طبقا من تين فأكل منه وقال لأصحابه: "كلوا فلو قلت أن فاكهة نزلت
من الجنة لقلت هذه لأنّ فاكهة
الجنة بلا عَجَم -
والعَجَم هو
النوى، فليس للتين نوى، فكُلوها
فإنّها تقطع البواسير وتنفع من النقرس".


وقد تعددت الآراء في تفسير التين بكتاب الله
العزّيز، فهناك من لم يفسر التين باعتباره الفاكهة التي نعرفها وقال آخر: إنّ
التين هو مسجد أصحاب الكهف. وروى ابن
عباس رضي الله عنها أنّ
التين والزيتون وطور سينين هي أسماء أماكن بعث الله تعالى في كل واحد منها نبيا. وأول
هذه الأماكن محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس الذي بعث الله فيها النبي عيسى
عليه السلام. والثاني هو طور سينين وهو طور سيناء الذي كلم
الله عزّ وجلّ عليه موسى عليه السلام، والثالث هو البلد الأمين مكة ذلك البلد الذي
أرسل فيه محمدا عليه الصلاة والسلام قال تعالى في سورة التين بسم الله الرحمن
الرحيم : " والتين والزيتون . وطور سينين. وهذا البلد الأمين ".



كما أقسم
تعالى بالأشرف ثم بالأشرف منها، وهو خاتم
الأنبياء والمرسلين النبي محمد صلى الله
عليه وسلم. وكان للتين قدسية وتقدير في ديانات ما قبل
الإسلام، وان التين المعروف بالهندي يعرف بالتين الديني حيث توجد الشجرة المقدسة
المعروفة باسم شجرة: البنيان وقدسوها لأنّ
المعبود وشنو الذي عبدوه
قديما ولد تحت شجرة من التين. وحينما نعود
إلى طقوس ديانات ما قبل الإسلام نجد شواهد تشير إلي تقديسه في ديانات عديدة ، فمنه
نوع ينسب إلى البنغال يعرف باسم شجر المعابد .


أما الاسم
العلمي للتين فهو فيكسكاريكا من الفصيلة التوتية وموطنه
غرب آسية ويزرع بالمناطق المعتدلة في حوض البحر الأبيض المتوسط ، وشجرته متوسطة
الحجم إلى كبيرة متساقطة الأوراق.


وتؤكل ثمار التين طازجة أو معلبة
وتستعمل في الحلوى وعمل المربيات ويتكاثر التين بالأوتاد أي الأقلام والترقيد. ثم حظي التين الذي أقسم به الله
تعالى باهتمام علماء المسلمين وأطبائهم وأجمعوا على فوائده الوافرة. وقد ذكر داوود
بن عمر الأنطاكي في كتابه الموسوم بتذكرة أولى الألباب العديد من صفات التين بأنه
: ثمر شجر معروف ينمو كثيرا في البلاد الباردة لكنه إذا نزل الماء على ثمرته فسدت.
وانه لا نفع لذلك الثمر سوى ما ذكر منه أما الأنثى فلا
تعطي ثمارا منها: البري والبستاني وأجود التين الكبار الحجم النضيج المكبب، وهو من
أصلح الفواكه غذاء ويفضل تناوله بالإفطار وان كانت مداومة الإفطار عليه أربعين
يوما في الصباح تزيد الوزن بدرجة كبيرة.


ويضيف الأنطاكي في تذكرته: بأنّ
التين يقوي الكبد ويعالج الطحال وعسر الهضم وهزال الكلى والربو وضيق التنفس
والسعال وأوجاع الصدر وخشونة القصبة الهوائية للتين الذي اقسم به تعالى
في كتابه المجيد فوائد أخرى بأنه إذا أكل مع اللوز والفستق يصلح الأبدان النحيفة ،
ويوصي بأن يطبخ مع الحلبة لعلاج الصدر والرئة كما يوصف التين بنقيعه في الخل لمدة
تسعة أيام ثم يؤكل ويشرب الخل لعلاج الطحال.


ثم أفاض أطباء حضارتنا العربية والإسلامية الخالدة في بيان فوائد التين فعصارته اللبنية
تسكن وجع الأسنان المنخورة، إضافة لفائدتها في علاج لدغ الأفاعي وعضة الكلب. وعصارته
تنفع في التهيجات والالتهابات وتدخل في المواد التي يعالج بها مرض الجدري والحصبة
والحمى القرمزية، ويوضع التين مطبوخا كضماد على الأورام الملتهبة والخراجات. أما
الطب الحديث عندنا فأكد الكثير من فوائد التين فقد علق أحد الأطباء المحدثين على
ما ذكره الأمام الذهبي في كتابه الطب النبوي من أن قيمة التين الغذائية ترجع إلى
ما به من نسبة عالية من المواد السكرية وعنصري الكالسيوم والحديد.


كذلك يوصف التين طبياً
لعلاج حالات كثيرة ، اذ يعالج الإمساك بأن ينقع ثمرات التين الجاف في قدح ماء بارد
وقت المساء ، وتؤكل هذه الثمار المنقوعة صباحاً ويشرب ماؤها على الريق. فقد أوصى
أحد الأطباء بأن تغلى ثمار التين مع الحليب العادي وتبرد ويغطى بها الجروح بأن
يكون سطحها الداخلي فوق الجرح مباشرة كضماد يستعمل ثلاث مرات يوميا. وقائمة
فوائد التين الثمرة المباركة التي كرمها تعالى كثيرة، بأن قسَم في سورة التين
فثماره الجافة عندما تقطع إلى شرائح وتغمس في زيت الزيتون مع بعض شرائح الليمون
وتترك لمدة ليلة كاملة ثم تؤكل في الصباح على الريق فإنها تفيد في علاج كسل
الأمعاء.


ويتفق الطب الحديث وما انتهى إليه أطباء
حضارتنا الإسلامية الذين أوضحوا فوائده والتي تجعلنا نتفهم المزيد من مغزى ذكر
التين القسم القرآني به ، ومعناه الإبانة عن شرف البقاع المباركة التي أنبتتها وهي
ذات البقاع المباركة بعث عزّ وجلّ فيها رسله الذين جاء على أيديهم الخير والبركة
وحملوا رسالات ربهم العزّيز هداية للظالمين.

















الرمّــــــــان








الرمان نبات ينتمي إلى الفصيلة الرمانية،
والرمان من أقدم النباتات المعروفة، وعرفه الكنعانيون باسم صيدون ، وأدخله الرومان
إيطالية في حرب قرطاجنة، ومنها انتشرت في جنوب أوربا ، ولثمار الرمان جلّد أملس
سميك محشو بحب أبيض أو أحمر مائي وله أنواع عديدة.


وكرم تعالى
الرمان بذكره في القرآن الكريم فيما يخبرنا به عما خلق من زروع وثمار لبني الإنسان
بقوله الكريم في سورة الأنعام / 99: " وهو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا
به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكما ومن النخل من طلعها قنوان
دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا
أثمر وينعه إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ".


وأشار تعالى في الآية الكريمة للرمان
كنبات يختلف عن الزيتون والأعناب وثمار النخيل كنماذج مختلفة لتلك النعم النباتية
باختلاف ألوانها وأشكالها وطعمها ورائحتها دليلا وبينة على قدرته تعالى في أن يخرج
من الأرض كل هذه الأنواع المتباينة التي تروى من ماء واحد وتنبت في أرض واحدة. وذكره
من نباتات متشابهة وغير متشابهة تؤتي ثمارها الذي أوجب تعالى أداء حقه فيها عند
حصادها يقول تعالى في سورة الأنعام /141: " هو الذي أنشأ جنات معروشات وغير
معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من
ثمره إذا أثمر وأتوا حقه" .


ثم ورد ذكر الرمان في سورة الرحمن التي
حفلت بالعديد من نعمهِ تعالى في الأرض وفي
جناته الواسعة والتي يدعونا فيها إلى تأمل نعمه، وما خلقه للإنسان في الأرض من
أنواع الطعام والفاكهة والحب بقوله الحق في سورة الرحمن /66 –
68: " فيهما عينان نضّاختان . فبأي آلاء ربكما
تكذبان . فيهما فاكهة ونخل ورمان ".


فقد ذكر عزّ وجلّ الرمان والنخل بعد الفاكهة ثم أليس
الرمان نوعاً من الفواكه ولما ذكره مستقلا ؟ يحملنا التساؤل أن نمعن الفكرة في
الحكمة وراء مجيء الرمان في الآية السابقة على هذا النحو، فلا جدال أن ذكره مستقلاً عن الفاكهة إنما كان لحكمة يدعونا تعالى إلى
تأملها والتفكير فيها انصياعا لدعوته لنا في تدبر كل ما جاء في القرآن المعجز حتى
نعقله ونجني ثمار ما فاض به من علم وحكمة وموعظة حسنة. فتوارد الألفاظ في الكتاب
الكريم أمر مُنزّه عن
التعميم، كما وأن اللفظ الواحد فيه معان عديدة من خلال مضمون اللفظ ذاته، ومن خلال
علاقته بالألفاظ الأخرى والكلمات في الآية الواحدة بقوله الكريم في سورة الأنعام
/115:" وتمت كلمات ربك صدقاً وعدلاً
لا مُبدل لكلماته". وقال النبي صلى الله عليه
وسلم:" ما من رمانة إلاّ وفيها حبة من رمان الجنة".


كما أكد فصحاء
العرب اللذين بينّوا وأمنوا بأنّ
لكل لفظ من ألفاظ القرآن مكانة ودلالته ومبررات استخدامه من حيث موقعه ومعناه
الأمر الذي يوضح لنا الحكمة في ذكر الرمان مستقلاً
عن الفاكهة الأخرى وهناك فرق بين الفاكهة والرمان، يقول الأمام أبو حنيفة رحمه
الله: "إذا حلف رجلّ لا يأكل فاكهة فأكل رماناً
رطباً لم يحنث".
فالرمان يخرج عن دائرة الفاكهة وليس نوعاً
من أنواعها على خلاف ما يعتقد الآخرون ومن هنا تتضح الحكمة في ذكره مستقلا في
الآية الكريمة، فقد اشتق اسم الفاكهة من التفكه وطيب النفس
مزاحاً أو ضحكاً
أو تلذذاً . فيقال: فكه
الرجلّ: أي أطربه بمليح كلامه، ويقال: تفاكه القوم إن
تمازحوا ومنه الفكاهة أي المزاح. وعندما يخرج القرآن الكريم من دائرة الفاكهة ففي
ذلك إشارة إلى فوائده العديدة.


كذلك عرف العرب فوائد
الرمان واهتموا بزراعته فجذوره وأزهاره غير المتفتحة وعصارة لبه تتدخل في إنتاج
المستحضرات الدوائية، لأنّها عناصر
شديدة القبض، ويحتوي لبه الحلو والحامض على نسبة من المواد التينية والأحماض ومادة
الراتنج. أما أزهاره المجففة قبل نموها فتستخدم كدواء لعلاج الإسهال المزمن
وللغرغرة ولمعالجة استرخاء اللهاة بينما نجد قشوره هي أشد أجزاء الرمان قبضاً
لأنّها دِبَاغ
المَعِدَة
. ولعلّ من أغرب علاج الرمان استخدام قشرته الخارجية
بعد تفريغها من الحب وملئها بدهن الورد وتسخينها على نار هادئة وبعد تبريد السائل
يمكن استخدام السائل كقطرة في الأذن أو استخدامها مع دهن البنفسج لعلاج السعال
وإذا طبخت قشرة الرمان مع بعض الدقيق -الطحين -
وإضافة الزيت الفج فتصنع منه العصيدة التي تؤكل ويكون فيها الفائدة للقضاء على
الإسهال.


وأشار
العرب في مُصنفاتهم الوافرة إلى فوائد الرمان
الحلو والحامض والقابض. فالحلو
منه يلين الحلق والصدر والسعال واضطرا بات المعدة ، لكنّه
لا يصلح لحالا ت الحمى، وعلى
النقيض منه الرمان الحامض الذي يشفي من مرض الصفراء في حين يفيد الرمان الحامض في
علاج ألم الأسنان .


وقد بينت
الأبحاث العلمية الطبية الحديثة من أن القشرة الخارجية لشجرة الرمان تحتوي على
حامض التنيك وهي مادة قابضة تتواجد في عصيره أيضا، بالإضافة إلى سكر المانتول
وغيره من السكريات وكذلك لاحتوائه على نسبة عالية من عنصر الحديد الضروري لتكوين
كريات الدم الحمراء ولهذا ينصح بأكل الرمان في علاج حالات فقر الدم. وهناك أحد
أعلام التفسير واللغة العربية قد لُقِّبَ
بالرماني وهو أبو الحسن بن عيسى الرماني المنسوب إلى منطقة تعرف باسم قصر الرمان في العراق.














الفصل
الخامس











الحيوانـات والحشـرات






·
الفيل



·
الذئب



·
الدّابة



·
الحية



·
البغال



·
الذباب





الفيــــــــــل





سورة الفيل مكية وهي من
قصار السور نزلت لتذكر قريشاً بالنِعَم
التي مَنَّ بها الله
عزّ وجلّ عليهم عندما صرف عنهم أصحاب الفيل الذين عزّموا على هدم بيت الله،
فخيب الله سعيهم وأبادهم بما أنزله بهم من عقاب: "
وأرسل عليهم طيراً
أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول " .


وقصة أصحاب الفيل أن إبرهة الأشرم ملك اليمن
من أصحاب النجاشي قد بنى كنيسة ضخمة بمدينة صنعاء سميت القليس وأشتق اسمها من فرط ارتفاعها فإذا رفع
أحدهم نظره إلى نهايتها سقطت قلنسوته من رأسه وعزّم إبرهة أن يجعل من كنيسته بديلا
لبيت الله الحرام في مكة ولما عرف العرب ذلك غضبت قريش.


وقد وصل كنيسة القليس
بصنعاء جماعة من قريش في ليلة باردة وأوقدوا
فيها نارا للتدفئة فحملت الريح بعض الشرر فاحترقت أجزاء منها. وثارت ثائرة إبرهة الأشرم
لهذا الفعل القرشي فأصر على أن يسير إلى بيت مكة ويخربه حجرا حجرا فأستعد لذلك
وحشد جنوده وعتاده وسار في جيش عرمرم واصطحب معه فيلاً ضخم الجثة يدعى محمود. فلما
سمعت العرب بقدوم إبرهة وجيشه عزّموا على ملاقاته فخرج إليه من أشراف اليمن ذو نفر فدعا قومه لمحاربة إبرهة والدفاع عن بيت
الله، فقاتلوه فهزمهم … ثم سار إلى أرض
خثعم فلقيه نفيل بن حبيب
الخثعمي فقاتلوه وهزمهم إبرهة أيضا وأسر نفيل وعفا عن قتله وأخذه معه دليلاً
في الحجاز.


ثم وصل
إبرهة بجيشه إلى الطائف ولم يواجهه أحد
فاستراح فيها مدة ثم غادرها إلى منطقة
المغمس على مشارف مكة .. وهنا أغار جند إبرهة على إبل
أهل مكة واستولوا عليها ومن ضمنها مائة بعير لعبد المطلب بن هاشم. وأرسل إبرهة
الأشرم بحناطة الحميري ليأتيه بكبير قريش ويخبره أن إبرهة ملك اليمن وجيشه لم
يأتوا لقتالهم إلاّ إذا صدوه عن بيت
الله.


وذهب حناطة الحميري إلى قريش والتقى بعبد
المطلب بن هاشم ونقل إليه رسالة إبرهة وحذره وقومه من قتال قائده فقال له عبد
المطلب : والله ما نريد حربه ، وما لنا بذلك من طاقة هذا بيت الله الحرام وبيت
خليله إبراهيم فان يمنعه منه فهو بيته وحرمه ,أن يخلي بينه وبينه فوالله ما عندنا
دفع عنه .


فرافق عبد المطلب بن هاشم حناطة الحميري وقابل
إبرهة، فلما رآه إبرهة أجلّه فكان عبد المطلب رجلاً
وقوراً حسن المظهر حتى أن إبرهة نزل عن عرشه وجلّس
معه على البساط وقال لترجمانه قل له ما حاجتك فقال عبد المطلب:


حاجتي أن
يرد عليَّ المَلِك
مائتي بعير أصابها لي. فقال إبرهة: لقد كنت
أعجبتني حتى رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتني أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك
بيتا هو دينك ودين آبائك ؟ ثم أكمل إبرهة قوله: أنا جئت
لهدمه ألا تكلمني فيه؟ فردّ عبد المطلب بن هاشم: إنني أنا ربّ
الإبل وإنّ للبيت رباً
يحميه ويمنعك عنه.


وأعاد إبرهة على
عبد المطلب أبله ورجع عبد المطلب إلى
قريش فأمرهم بالخروج من مكة والتحصن برؤوس الجبال تخوفاً
عليهم ثم قام عبد المطلب وأخذ بحلقة من حلقات باب الكعبة المشرفة وقام معه جماعة
من قريش يدعون الله ويستنفرون على إبرهة وجنده ثم خرجوا إلى رؤوس جبال مكة.


وحينما تهيأ إبرهة لدخول مكة بجيشه ووجهوا
الفيل محمود رفض أن يسير صوب الكعبة ولما وجهوه نحو الشام أخذ يهرول وإلى جهة
الشرق كذلك فما كان من إبرهة إلاّ بضرب سائس
الفيل ليضربه حتى يدخل الحرم .. وفي هذه اللحظات كان عبد المطلب وأشراف مكة ينظرون
ليروا ما يحدث فشاهدوا من معجزات الله تعالى عندما بعث
تعالىعلى إبرهة
وجيشه طيراً أبابيل - أي جماعات -
وكانت الطيور الأبابيل سوداء اللون يحمل كل منها حجراً
في منقاره وحجران في رجلّيه أكبر من حبة العدس وأصغر من حبة الحمص،
وكانت الطيور تلقيها على جيش إبرهة لا يصيب أحداً
منهم إلاّ هلك لساعته بينما
تساقطت من الآخرين أعضاؤه عضواً
عضواً وهم في طريق هروبهم،
وكان منهم إبرهة الذي نال نصيبه من الهلاك بقوله الحق:" ألم ترَ كيف فعل
ربك بأصحاب الفيل 000فجعلهم كعصف مأكول ".


وقد سئل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن ذلك
الطير فقال:إنّه حمام بمكة جاء عشية هذا الحدث وانصرف بعدها.
والسجيل في الآية الكريمةهو: الحجر
شديد الصلابة، وقد عصفت الطير برؤوس جند إبرهة وأهلكتهم
وأرسل الله تعالى ريحا شديدة ضاعفت من قوة الحجارة ومن شدتها حتى أهلكت إبرهة
وجيشه فجعلهم كعصف مأكول أي صاروا كالتبن وهو القشرة التي تغلق الحنطة وقوله
الحكيم :" أرسل عليهم " فجاءت بصدد العذاب والعقاب.


وتناقل أهل الجزيرة خبر إبرهة مع جيشه
الذي هلك وسورة الفيل التي أكدت حماية الله سبحانه وتعالى لبيته العظيم
وردعه لكل من تسول له نفسه أن ينتهك حرمته أو يناله بالأذى.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:" إنّ
الله قد حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وأنّه
قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ألا فليبلغ الشاهد الغائب".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ar-ar.facebook.com/people/Ramli-Aymanovitch/1194375133
الفارس
المدير
المدير
الفارس


جنسيتي جنسيتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Algeri11

مهنتي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Studen10

مزاجــي : أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم 85

الجنس الجنس : ذكر

عدد المساهمات عدد المساهمات : 2339

تقييم الأعضاء : 10

نقاط نقاط : 280401

العمر العمر : 31


أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Empty
مُساهمةموضوع: رد: أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم   أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم Emptyالأربعاء 03 فبراير 2010, 18:30

الذئـــــــــب








سورة يوسف واحدة من القصص القرآني تحفل
بالكثير من القيم الإيمانية والصبر الجميل والعفة والوفاء والعدل والقسط والتواضع
والمغفرة والأمل في رحمة الله تعالى.تلك المبادئ السامية والقيم الراقية التي نادت
به شريعتنا الإسلامية الغراء . وتحدثنا هذه السورة بما فعله إخوته به، وما كان من
أمر حقدهم على أخيهم وإضمارهم الشر له .. فكان ليعقوب عليه السلام اثنا عشر ولداً. يقول
تعالى في سورة يوسف /4 :" إنِّي رأيت أحد
عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ".


فقد اختص عزّ
وجلّ من بينهم يوسف عليه السلام بالرسالة والنبوة، وحظي بحبِّ
أبيه، مما أثار حسد أخوته عليه فكان خداعهم للأب
الكهل عندما دبروا وتآمروا لإبعاده حتى يخلو لهم وجه أبيهم. ويبرز
لنا بين هذا التدبير ما اتفقوا عليه من خداعهم يعقوب عليه السلام، عندما طلبوا منه
أن يرسل معهم يوسف، يقول عزّ وجلّ في
سورة يوسف /11-12:" قالوا يا أبانا مالك
لا تأمنا على يوسف وإنّا له لناصحون أرسله معنا غداً
يرتع ويلعب وإنا له لحافظون".


وأجتمع أخوة
يوسف على أمر عظيم جلّل من قطيعة الرَحِم
وعقوق الوالد وقلّة الرأفة بالصغير
ليفرقوا بينه وبين أبيه على كِبَرِ ِسِّنه. ويقول
تعالى مخبراً عن نبيه يعقوب عليه السلام أنه قال لبنيه بشأن
ما سألوه أنه يشقّ عليه مفارقته، وذلك
لفرط محبته ليوسف، ولما توسم فيه من الخير العظيم وشمائل النبوة والكمال، والكمال
لله وحده .


ثم تأتي
الإشارة من الله عزّ وجلّ في سورة يوسف /13: "
قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون ". فخاف
الأبّ على ابنه لأنّه
رأى في المنام ذئباً قد شدَّ
على يوسف فكان يحذره، وخاف أن يقع فريسة للذئب إذا ما أغفل عنه أخوته وقت رعيهم
ولعبهم. وكان جواب الأخوة تأكيداً على حرصهم
عليهكما جاء في سورة يوسف/14: " قالوا
لأن أكله الذئب ونحن عُصبة إنّا
إذا لخاسرون ". فاللام في الآية
الكريمة :" فإن أكله الذئب"
هي اللام الموطأة للقسم ذلك القسم الذي جوابه قولهم: "
إذا إنا لخاسرون".


وهكذا أُلْقِي
يوسف في غيابة الجبّ بعدما ربطه أخوته
ودلوه فيه ثم عادوا لأبيهم يبكون في الليل ويظهرون الجزع على أخيهم:" وجاءوا أباهم عشاء يبكون. قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق
وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب".


ولكن لم يصدق
الأبّ عُذر أولاده
وكذبهم، وتكتمل أكذوبة أخوة يوسف وخداعهم لأبيهم الشيخ حين يخبرنا عزّ وجلّ في
سورة يوسف/18: "وجاءوا على قميص بدمٍ
كذبٍ قال بل سولت أنفسكم أمراً
فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون".


وتتضح من الآية الكريمة أنّ
أخوة يوسف قد جردوه من قميصه ليتخذوا منه دليلاً
وأنهم ألقوه في الجبّ من دون قميص. أما الدم
الكذب الذي لوثوا به قميص يوسف فكان جزءاً
من مكيدتهم لأخيهم حيث عمدوا إلى سخلة قد ذبحوها ولوثوا بدمها القميص مُوهمين
بأنّ هذا قميصه الذي يحمل أثار دمه، لكنّ
الأخوة الأعداء نسوا أن يخرقوه، فلم يكن بالقميص أثر لأسنان الفاعل الذئب. وعندما
سمع يعقوب عليه السلام بخبر ابنه يوسف صاح بأعلى صوته: أين القميص؟ فأخذه وألقى
على وجهه وبكى وقال: تالله ما رأيت كاليوم
ذئبا أحلم من هذا أكل أبني ولم يمزق قميصه.


كما ارتبطت دلالات بقميص يوسف إذ كان دليلاً
ليعقوب عليه السلام على كذب أبنائه. كما كان دليلاً
على براءته حين قد من دبر عندما راودته امرأة العزّيز
عن نفسها وكان قميص يوسف والذي عاد به بصر أبيه يعقوب عندما ألقاه على وجهه:"
أذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين" .


ولعلّ كلمات
يعقوب عندما فجع بهذا الخبر الكاذب قول يدل على عمق إيمانه، وبعدما تبين ما حدث
لأبنه يوسف هو من تدبير أخوته لكنه تمسك بالصبر الذي لا شكوى
فيه واستعان بالله القدير ليعينه على ما وصفه أخوة يوسف بشأن هلاكه.


ولم يكن
يعقوب عليه السلام أمامه والجناة أبنائه إلاّ أن يبادر إلى الصبر الجميل، حتى نجد إنّ
التعقيب القرآني على تلكم الأحداث قد جاء بحرف الفاء في سورة يوسف /18:" قال
بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبراً
جميل والله المُستعان على ما تصفون " .


وهكذا تمثل أخوة يوسف في حقدهم وحسدهم
بصفات وحشية لا تقل عن صفات ذلك الذئب الذي نسبوا إليه زوراً
وبُهتاناً
جريمتهم في سورة يوسف والتي صورت لنا المدى الذي يمكن أن يدفع إليه الحقد والحسد
حتى بين الأخوة أبناء نبيّ من أبناء
الله فاتصف بالصبر والتمسك به والاستعانة بخالقه في حالك الظروف وأقساه عليه.








الدّابــــــة








ذُكرت الدابة
في القرآن الكريم في ثماني عشرة آية تتحدث عن قدرة الله سبحانه وتعالى الذي خلق
السماء والأرض وما عليها من إنسان ونبات ودواب، وتذكر الناس بأن الله وحده لا شريك
له الأحق بالعبادة. وتشهد دلائل الخلق على
قدرة البارئ المصوّر وربوبيته، ومنها
الآية السابقة التي نزلت لتنهي المشركين عن عبادة أصنامهم الكثيرة التي كانوا قد
صفوها حول الكعبة المشرفة وهي آية تشمل على مظاهر الخلق العديدة التي تعجز تلكم
الأصنام هي ومن عبدها عن خلق شيء منها إذ قال تعالى في سورة البقرة /164: " إنّ
في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي
تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد
موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات
لقوم يعقلون ".


لقد أشارت آيات الله
سبحانه وتعالى للدابة لتوضح
للناس جوانب كثيرة من فضل الله ونعمائه، فتعالى
يرزق الإنسان والدواب والطير والحيوان تتكفل بأرزاق ما خلقه من دواب الأرض صغيرها
وكبيرها ويعلم مستقرها ومنتهى سيرها كما في سورة
هود /6 : "وما من دابة في الأرض غلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها
كل في كتاب مبين".


إنّ ذلكم
مكتوب عند الله القدير الذي خلق تلك الدواب وقدر لها أرزاقها وأخذ بناصيتها وسيرها
وقدر أطوار حياتها، فهو الحاكم العدل الذي لا يجور
في حكمه، ويرزق الإنسان والحيوان وبيده مصيره ومحياه
ومماته. وتلك هي حقائق يؤكدها ويذكرها القرآن الكريم حجة
بالغة ودلالة على إنّه وحده
الأحق بالعبادة حتى ينصرف المشركون عن عبادة الأوثان والأصنام التي لا تنفع
ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر:" وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون
".


وأرشد تعالى
خلقه إلى التفكير في قدرته العظيمة. وهناك حجج بينات تؤكد أنه هو الواحد الذي يسجد
له خلقه على اختلاف أنواعهم وأشكالهم ويسبحون بحمده، بقوله سبحانه الكريم في سورة
النحل /49:" ولله يسجد ما في السماوات وما في
الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون. كذلك خلق
الله الدواب وبثها في الأرض بكل أجناسها وأنواعها دليلا على قدرته، فتعددت أشكال
وألوان وطباع ومظهر الدواب شأنها في ذلك شأن خلقه تعالى من البشر. يقول الحق في
سورة الإنعام /38: " وما من دابة في
الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلاّ أمم
أمثالكم ".


وإنّ
في خلقه تعالى للدواب والطير بكل أصنافه دلالة على عظم قدرته وأتساع علمه وسلطانه
وتدبيره لتلك المخلوقات المتفاوتة الأجناس والمتكاثرة الأصناف.ووردت هذه الحقائق
في عدة مواضع من كتاب الله العزّيز. فيقول الحق في
فاطر /28: " ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنّما
يخشى الله َمن عباده العلماءُ ".


إذن فالعلماء هم
العارفون بالعلم خير من يتفهم جوانب العظمة في خلق الله تعالى يخشونه خشية صادقة
قائمة على الإيمان والعلم عرفوا من علمهم الكثير من مظاهر قدرة الله العزّيز في
خلق الدواب وتدبير أسباب الرزق لها ، كما رزق تعالى الإنسان يقول تبارك وتعالى في
سورة هود /6:" وما من دابة في الأرض إلا على الله
رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين".


ويحدثنا جلّ
جلاله عن خلق الدواب في إعجاز قرآني يتمثل بقوله
الكريم في سورة النور /45 :" والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على
بطنه ومنهم من يمشي على رجلّيه ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إنّ
الله على كل شيء قدير ".


ثم يأتي ذكر
الدابة في القصص القرآني عندما أخبرنا تعالى عن النبي سليمان عليه السلام والذي
سخر الله له جيشاً من الدواب والحيوان
والطير والجان، وخاطب الهدهد وسمع حديث النمل وغير ذلك من المعجزات في سيرته
وتعرفنا في ظروف وفاته عليه السلام على نوع آخر من الدواب ألا وهي
دابة الأرض -الأُرْضَة – كما ورد في سورة
سبأ/14:" فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلاّ
دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرَّ تبينت
الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين".



كذلك ذكر
الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّه
كان من عادة النبي سليمان عليه السلام أن يعتكف في بيت المقدس، فلما جاء أجلّه
قال: اللهم اجعل الجنة تعمي عن موتي حتى يعلم الناس أنهم يعلمون الغيب لأنّهم
كانوا يسترقون السمع ويوهمون الناس أنهم يعلمون الغيب.











الحيـّـــــــــــة





اختار الله سبحانه وتعالى موسى بن عمران
ليكون نبيه ورسوله وعزّزه بالمعجزات التي تشد من أزره وتعينه على حمل رسالته
واعتلاء كلمته وليذكرهم بأن الساعة آتية لتجزى كل نفس بما تسعى.


ويحدثنا
القرآن الكريم عن سيرة موسى عليه السلام في مواضع من سوره العظيمة ، فقد جاء في
سورة القصص أنه عليه السلام انصرف من مدين مع أهله وسار في ليلة مظلمة باردة
ويشاهد عن بعد نارا توجه إليها، ووصل إلى وادي طوى وعن يمينه من ناحية الغرب شجرة
خضراء من العوسج قصدها موسى وانتهى إليها وهنا حدث ربه، في
سورة طه /11- 14:" فلما آتاها نودي يا موسى، إني أنا
ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا
الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ".


وكانت هذه
اللحظات العظيمة عندما حدث الله نبيه وكلمه موسى بداية لمولد رسالة جديدة من
رسالات الله التي شهدت معجزة خارقة دلت على قدرته عزّ وجلّ وهي معجزة العصا التي
صارت حية ضخمة بأمر الله تعالى، في سورة طه/17 -
18:" وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي
فيها مآرب أخرى ".


إنّ هذا الحديث
إيناس لموسى عليه السلام وتمهيداً لتنبيهه
إلى قدرته الباهرة عندما يشاهد بعينه الحياة تدبّ
في قطعة الخشب اليابس التي كان يمسها في يده ويستخدمها ليهش بها ورق الشجر لتأكله
أغنامه، وسؤال ربّ العزّة له عن مآرب العصا تخفف عليه
بعد أن توقف لسانه بسبب هيبة ذلك الموقف ثم أمره تعالى بإلقاء عصاه في سورة طه /19
–20:" قال ألقِها يا موسى . فألقاها فإذا هي حيةٌ تَسعى ".


واسم الحيّة
ينصرف إلى الذكر والأنثى الصغير منها والكبير وصفت بأنها تسعى أي تتحرك في خفة
وسرعة، وذكر أن طولها أربعين ذراعاً. ويقول
ابن عباس رضي الله عنهما: إنّ العصا
انقلبت ثعبانا ذكراً يبتلع كل ما أمامه. بينما ذكر
ابن كثير في تفسيره: إنّ هذا
الثعبان كان من الضخامة بحيث أنّه عندما يمرّ
بالصخرة فيلقمها، ويطعن بنابه الشجرة فيجثها. ووصف هذا الحدث في كتاب الله العزّيز
في سورة النمل/10:" والقِ عصاك فلما
رآها تهتز كأنها جان ولىّ مدبراً ولم يعقب
".


فلما
رأى هذا المشهد موسى عليه السلام هرب خوفاً
منها ولم يعقب. أي لم يلتفت فناداه الله سبحانه وتعالى في سورة القصص/31:" يا
موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين ". وعندما رجع عليه السلام أمره ربه أن
يمسك بها فسيعيدها إلى ما كانت عليه لتصبح عصا يتوكأ عليها ويستخدمها في مآربه
الأخرى يقول الحق في سورة/21: " قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها
الأولى".


ويقول ابن
كثير أنّ موسى-
عليه السلام -وقف بعدما أن ناداه ربه ورجع وهو شديد الخوف وكانت يمينه مدرعة من
الصدف، فلما أمره تعالى بأخذها لفّ طرف
المدرعة على يده ثم وضعها على فم الحية وقبض عليها فإذا هي عصاه التي عهدها وإذا
يده في موضعها الذي كان يضعها فقد أعادها الله إلى حالها الذي يعرفه النبي
موسى وبهذا تحققت معجزة الله تعالى في لحظات تعريف ذلك النبي باصطفائه واختياره
رسولاً ونبياً.



وهناك برهان آخر لموسى عليه السلام عندما أمره
الله الجلّيل أن يدخل يده في جيبه لتخرج بيضاء ناصعة، وعندئذ
أمره الحق أن يذهب إلى فرعون ليبلغه رسالة ربّه
في سورة طه/20:" اذهب إلى فرعون انه
طغى ".


ذهب موسى
وهارون عليهما السلام- إلى فرعون ليبلغانه برسالة الله ويدعوانه إلى عبادته
والتخلي عن طغيانه وتمرده وتجبره:"اذهبا إلى فرعون انه طغى . فقولا له قولاً
ليناً لعله يتذكر أو يخشى".


لكنّ فرعون لم
يؤمن بما أخبره موسى عن ربه وهو خالق كل شيء واتهمه مع أخيه هارون بأنّهما
ساحرين . قال تعالى في سورة طه /56-58:" ولقد
أريناه آيتنا كلها فكذب وأبى . قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى .
فلنأتينك بسحر مثله فاجعل بيننا وبينك موعداً
لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سويا ".


وهنا جمع فرعون كل السحرة وجاء موسى يتوكأ على
عصاه ومعه هارون، وكان سحرة فرعون واثقين من غلبتهم بعدما عمدوا إلى حبالهم وعصيهم
فأودعوها الزئبق وسواه من المواد .. وسألوا موسى من يلقي الأول، فألقوا حبالهم
وعصيهم فصارت تضطرب ويخيل للرائي إنها تسعى لأنهم سحروا أعين الناس، ويذكر انه قد
خُيِّلَ لهم أن الوادي قد امتلأ بالحيات، وكان
السحرة قد أتوا بسحر عظيم لبضعة وثلاثين ألف رجلّ معه حبل وعصا رموها أمام الجميع
.. لكنّ برهان الخالق العظيم أقوى فقامت المعجزة
الإلهية وأتضح البرهان في سورة الأعراف /117-118:" وأوحينا إلى موسى أن ألق
عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون. فوقع الحقُّ وبَطَلَ ما كانوا يعملون".


وهكذا كشف الله القدير عن قلوب السحرة غشاوة
الغفلة وأنارها بالهدى فأنابوا إلى ربّهم وخرُوا
له ساجدين: " فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقى السحرة ساجدين. قالوا آمنا
بربّ العالمين ربّ موسى وهارون ".








البغــــال





ورد ذكر البغال في آية واحدة في كتاب الله
العزّيز حين حدثنا بما أنعم الله على الإنسان بخلقه دواب
الركوب وحمل الأثقال. وإن ذكر
البغال كنوع من دواب الركوب والحمل في القرآن الكريم هي أحد
مظاهر الإعجاز القرآني فيما أتبعه في سرد هذه الأنواع الثلاثة من الحيوانات: الخيل
،والبغال والحمير، وترتيب ورودها في الآية الكريمة دليل على أحكام آيات القرآن
المجيد وفق منطق إلهي يستند إلى أنّه سبحانه
هو العليم الحكيم، ويؤكد لنا أنّ كلمات
القرآن ومفرداته إنما تتبع نظاماً مُحكماً
يضبط أولوية تواردها ولهذا مغزى يتطلب منا دقة تأمل وتدبر لأنه لا مبدل
لكلماته جلّ شأنه


وقد ذكرت البغال في موضع معين
في الجملة يسبقها اسم الخيل ويعقبها الحمير وإذا ما رجعنا إلى الحقائق العلمية
لتعرفنا على مغزى هذا الترتيب في ذكر الأسماء وترتيبها على هذا النحو:
فالبغل حيوان عقيم لا يلد ولا ينجب ولا
يتناسل بل يتوالد من تزاوج الحصان والحمار،
وهو توالد قد يكون في الطبيعة، ويتأتى من تدبير الإنسان، لكنّه
في جميع الأحوال هو خلق من نوع يختلف عن توالد وتناسل بقية أنواع الحيوان التي
تتوالد من بني جنسها. وذكر تعالى البغال بين
هذين النوعين من الحيوان اللذان ينجبانه وهو الفرس من ناحية والحمار من ناحية
أخرى، أي انه يرد في الجملة بموقع يتوسط طرفي توالده وأسباب وجوده كما في
سورة النحل /8 :" والخيل والبغال والحمير لتركبونها وزينة ويخلق ما لا تعلمون".



إنّ هذا
الإبداع البلاغي في الآية المباركة لا يبين لنا
مغزى ترتيب مفردات الآية فحسب بل يؤكد أيضاً
انه سبحانه وتعالى خالق كل شيء وفقا لمشيئته ولما قدره لكل نوع من أنواع الخلق من
أسباب الوجود والنشوء والتناسل.


وعندما نرجع
إلى دوائر المعارف العلمية لنعرف المزيد من الحقائق عن هذا الحيوان الذي يولد
نتيجة تزاوج ذكر الحمير وأنثى الخيل أي الفرس كما يمكن أن يتوالد من ذكر الخيل أي
الحصان وأنثى الحمار. وقد استخدمت البغال
كحيوانات للحمل منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، وتتميز بأنها تجمع ما بين قوة الخيل
وتحمل الحمير وقدرتها على تحمل المشاق، وهي حيوانات عقيمة ويرجع ذلك إلى أن ما
يعرف بالكروموزومات في السائل المنوي للبغال أقل من تخصيب البويضة ليحدث الحمل
والتناسل، لذا أصبحت عقيمة .


لكن المعروف علمياً إنّ
التزاوج بين أي نوعين مختلفين من الحيوان لابد وأن يكون ثمرة ذلك التناسل حيوانات
عقيمة، وتلك الحقائق العلمية كان العرب يجهلونها مع غيرها من الأمم وقت نزول
القرآن الكريم، ومن هنا يتضح معنى ومغزى العبارة القرآنية من آية سورة النحل التي
اختتمت بها هذه الآية: " يخلق ما لا تعلمون".
فلم يكن العلم قد توصل إلى شيء من هذه
الحقائق العلمية التي تكشفت مؤخراً .


وحينما ذكرت
الخيل والبغال والحمير في الآية الكريمة ذكر الغاية من خلقها وهو الركوب والزينة
بمعنى إنها تركب وهي زينة لمن يركبها: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها
وزينة ".


لكنّ الآية الكريمة التي تسبقها في سورة النحل تلقي المزيد من الضوء على الحكمة
الإلهية من خلق هذه الحيوانات الثلاثية وأسباب ذكرها فيما خلقه تعالى
من نِعَم، ونجد أنّ
حمل الأثقال يرد في المقام الأول باعتبارها من حيوانات الحمل التي خلقت لتخفف عن
الإنسان مشاق ومتاعب حمل الأمتعة والبضائع تخفيفا من الله تعالى ورأفة ورحمة كما في
سورة النحل/ 7 : " وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن
ربكم لرؤف رحيم".


كذلك يخبرنا تعالى
أنّه رحمة منه بالإنسان خلق له تلك الدواب التي
تحمل أثقاله من بلد إلى علم الله تعالى إن الإنسان لم يكن له ليحمل تلك الأثقال
وينتقل بها إلاّ بجهدٍ
وبشقِ الأنفُسِ،
فَنِعَم
الله القدير عديدة لا تحصى: " وإن
تعدوا نعمة الله لا تحصوها".


لقد خلق الحق العزّيز الدواب ويسرّ
للإنسان أن يقهرها لتصبح ذليلة له لا تمتنع منه تنصاع لكبارهم وصغارهم، يقول ابن
كثي: لو جاء صغير إلى بعير لأناخه، فهو ذليل منقاد له ولو كان خلفه مائة بعير
لساروا جميعا خلف الصغير. وأجملت
للإنسان في البحر والبر آيتان في
سورة الزخرف /12-13:"والذي خلق
الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون. لِتَستَوُا
على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا
وما كنا له مقرنين ".


فالجميع يركب على
ظهر الخيل والبغال والحمير كما يركب على ظهر الفُلك
فهو يستوي على ظهورها وعليه أن يشكر ربه على نعمه ويسبح بحمده ويروى
عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا وضع رجلّه في
الرِكاب قال: باسم الله فإذا استوى على الدابة قال:
الحمد لله على كل حال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين،
وكبر ثلاثاً وهللَ
ثلاثاً.


لكنّ تحديد
الخيل والبغال والحمير للركوب والحمل في سورة النحل السابقة يجعلها تختلف عن
الأنعام والتي قصد بها: الإبل والبقر والأغنام، كما ورد في سورة النحل /5 : " والأنعام خلقها لكم فيها دفء
ومنافع ومنها تأكلون". فالخيل
والبغال والحمير حيوانات خلقها تبارك وتعالى للركوب وحمل الأثقال ونهى رسول الله
صلى الله عليه وسلم من أكل لحومها. روى الإمام أحمد قال:" نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الخيل والبغال
والحمير".


كما ثبت في الصحيحين عن جابر بن عبد الله
قوله: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم راس وأذن في لحوم الخيل"،
وعنه أيضاً قال:"
ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الحمير والبغال ولم ينهنا عن الخيل".








الذبـــــــــــاب





إنّ فَيْصَل
الحقّ ودليل الألوهية يتمثل في قدرته سبحانه العظيم
على خلق السماوات والأرض وما بينها، فليس لمن عبد من دونه تعالى
القدرة على أن يخلق شيئا حتى أصغر المخلوقات وأقلها شأنا كالذبابة. لذا اختار عزّ وجل
الذباب هذه الحشرة ليضرب بها المثل للناس وليذكرهم بقدرته العظيمة
على الحق كدليل وبينة على قدرته التي لاحدّ
لها وعلى أنّه هو الواحد الأحد الذي لا شريك
له خالق السماوات والأرض بقوله في سورة الحج:" يا أيها
الناس ضرب مثل فاستمعوا له إنّ الذين
تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو
اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئاً
لا يستنفذوه منه ضعف الطالب والمطلوب".


ويخاطب الخالقجمهرة
الناس ويخصّ بذلك الجاهلين المشركين مَن
عبد منهم الأصنام جهلاً وضلالاً
ليضع سبحانه الحقائق أمام أعينهم جلّية باهرة فمحك الاختيار هو القدرة على الخلق. ويطلب تعالى منهم أن يستمعوا إلى المثل الذي يضربه ويتأملوه ويفهموه،
فالحقيقة التي لامراء فيها ولاجدال أنهم لو طلبوا من تلكم الأصنام أو الأنداد أن
تخلق ذبابة ما قدروا على ذلك.


إذن الاستحالة قائمة حتى لو اجتمعوا وحشدوا
كل جهودهم أو تعاونوا فيما بينهم ، فتلك الأصنام والتماثيل والصور التي عبدوها لا
تستطيع أن تخلق شيئا مما خلق الله تعالى حتى أذله وأصغره وأذله تحقيرا، ولو
اجتمعوا لذلك وتساندوا كما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال
الله عزّ وجلّ:" ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي .؟ فليخلقوا ذرة ، فليخلقوا
شعيرة" .


وإنّ القدرة على الخلق دليل الإعجاز
الإلهي والمعجزة قائمة في كل عصر تؤكد قدرة الباري المصور ووحدانيته ، تلك القدرة
التي ظلت سرا من أسرار الوجود لا قبل
للإنسان أن يعرفها مهما تقدم به العلم. فالعلم البشري بكل ما حققه من تطور لا يصل
إلا للمحدود من الحقائق والنتائج العلمية ، ولكنها حقائق محدودة نجد في كتاب الله
العظيم ذكر لها.


إذن فالمحاولات
البشرية والسباق العلمي مهما تعاظم أو تقدم فإنه
لايصل إلا إلى ذرات محدودة من بعض بصيص العلوم بالقدر الذي سمح عزّ وجل
لهم وأتاح لقدراتهم البشرية. فلم يعلمنا
القرآن الكريم أسرار الوجود لكنّه أكدها
كحقائق علمها عند الخالق سبحانه وتعالى الذي لديه علم الحياة والموت ولم يعطها
لغيره إلا بإذن منه، فقد أعطى سبحانه هذه المعجزة لرسوله عيسى عليه السلام ولكن ما
قام به كان بإذن الله، يقول عيسى عليه السلام بقوله الحكيم في سورة آل عمران /49: "
إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمة
والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون".


وكان العرب أول من خاطبهم القرآن المجيد وهم،
الذين لا بَاعَ
لهم في العلوم الحديثة ولا قدرة لهم على تفهم معطيات العلم ونظرياته كأن التمثيل
والتشبيه هو الوسيلة المثلى لتجسيد مثل هذه المفاهيم ليدركوا من خلالها إنّ
الأصنام التي عبدوها كفرا وضلالا أضعف من أن تخلق ذبابة، بل وأضعف من أن تتدخل في
مسيرة النظام الطبيعي الذي تعيش به هذه الحشرة الصغيرة ! فإذا ابتلعت الذبابة شيئا
كانت تلك الأصنام أضعف من أن تسترجعه وهذا أيضا يستعصي على ما عبدوا تلك الأصنام
فكلهم ضعيف لا قدرة له ولا حول ولا قوة لذا يقول رب العزّة
والقدرة في سورة الحج/73:" وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنفذوه منه ضعف
الطالب والمطلوب ".


ومن أوجه البلاغة
القرآنية في الآية الكريمة الإشارة إلى خبرة من الخبرات التي عاشها هؤلاء الكفار
واستناد المثل إلى تجاربهم في عبادتهم الفاسدة ، فقد كانوا يطلون أصنامهم
بالزعفران ويغطون رؤوسها بالعسل ويغلقون عليها الأبواب ولكن الذباب على ضعفه كان
يتسلل من النوافذ والكوى - الفتحات -
ليلعق العسل رغما عنهم وهم إزاءه عاجزون
غير قادرين على منعه!


كذلك نجد
في الآية السابقة من سورة الحج تسوية في التشبيه فهو تشبيه للكافرين بالذباب في
ضعفه بل هم أقل ضعفا من الذباب -، وهنا
الذباب هو الغائب المنتصر والإنسان هو المغلوب الخاسر الذي وقف حائراً
لاستعادة ما سلبه منه الذباب. وتجمل
الآيات المباركة مغزى هذا المثل في سورة الحج /74: " وما قدروا الله حق قدره
إنّ الله لقوي عزّيز" .


فالذين ضلوا بعبادتهم الأصنام التي لا تقوى
على حتى مقاومة الذباب لضعفها وعجزها قد نسوا أن تعالى هو القوي القادر الذي خلق
الحياة بمن فيها من بشر وحيوان ونبات وجبال وأنهار، وجهل المشركين بتلك الحقائق هو
الذي أورثهم ذلك الكفر فلم يدركوا عظم قدرته العظيمة في الخلق تلك القدرة التي خص
بها الله عزّ وجلّ ذاته الإلهية لأنه : " هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو
أهون عليه ".


إنّ معجزة الله في الخلق هو لله وحده، فهو
الذي أوجد الحياة وسبر ناموسها، ووضع قوانينها بخلق الذكر والأنثى وتكاثرهما وتلك
حقيقة لم يستطع الإنسان بعلومه إلا أن يتأكد منها يوما بعد يوم فهو ناموس سارت
عليه الحياة ونسق ارتضاه لها جلّت قدرته نراه في كافة خلقه من حولنا أوضحه لنا في
القرآن الكريم، وجاء في سورة النساء/4: "
يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة
وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساءً واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام
إن الله كان عليكم رقيبا".














كشاف
الموضوعات






"


أخوة يوسف


امرأة العزيز





" ب"


بابل


البِغَال





"ت"


التين





" ث"


الثمار





" ج"


الجميل


الجنة





" ح"


الحق


الحيّة





"د"


الدابة











"ذ"


الذئب


الذباب


ذو القرنين





" ر"


الرّحمن


الرس


الرمان





" ش"


شجرة الزقوم





" ط"


الطلح"





" ع"


العرجون





"ف"


الفقراء


الفيل





"ك"


الكافور


الكعبة


الكهف





" ل"


لقمان وابنه





"م"


مدين


المساجد


مؤمن آل فرعون





"ي"


يأجوج ومأجوج
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://ar-ar.facebook.com/people/Ramli-Aymanovitch/1194375133
 
أسمـاءٌ فـي القُـرآن الكريـم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات عموشية :: منوع :: اسلاميات-
انتقل الى: