محمد حسن فقي
رمضان.. في قلبي هما هم نشوة *** من قبل رؤية وجهك الوضاء
وعلى فمي طعم أحس بأنه *** من طعم تلك الجنة الخضراء
ولا طعم دنيانا ,فليس بوسعها *** تقديم هذا الطعم للخلفاء
ما ذقت قط ولا شعرت بمثله *** أفلا أكون به من السعداء
قالوا بأنك قادم , فتهللت *** بالبشر أوجهنا ..وبالخيلاء
وتطلعت نحو السماء نواظر *** لهلال شهر نضارة ورواء
تهفوا إليه وفي القلوب وفي النهى *** شوق لمقدمه , وحسن رجاء
لم لا نتيه مع الهيام..ونزدهي *** بجلال أيام ..ووحي سماء ؟
بهما نحلق في الغمام ,ونرتوي *** من عذبه .. ونصول في الأجواء
ونشف أرواحا فننهج منهجا *** نفضي به لمرابع الجوزاء
ونصح أجسادا, فلا نشكو الونى *** أبدل ولا نشكو من الأدواء
فنعود كالأسلاف أكرم أمة *** وأعز في السراء والضراء
رمضان.. ما أدري ونورك غامر *** قلبي فصبحي مشرق ,ومسائي
أأنال بعد مثالبي ومساوئي *** بك منهما ,بعد القنوط شفائي
نفسي تحدثني بأنك شافع *** عند المهيمن لي من الأسواء
وبأنني سأنال منك حمايتي *** ووقايتي من معضل الأرزاء
ما أنت إلا رحمة ومحبة *** للناس من ظلم قسا .. وعداء
فلقد كرمت من السماء بما أتى *** من وحيها .. وشرفت بالإطراء
سدت الشهور فأنت سيد عامها *** بل أنت سيد دهرها المتنائي
مهما أقول , فلن تطول مقالتي *** شم الذرى , ولوامع الأسماء
رمضان .. من بعد الكدورة مسني *** منك الجلال بحكمة ونقاء
قد كنت أسدر في الضلال وأرتمي *** في حضنه بتبذل وغباء
حتى لقيتك فارعويت عن الخنى *** وكرهت كل ضلالة وعماء
شتان ما يبن الخلاعة والتقى *** أو بين عقل نابه وخواء
رمضان جئت وقومنا في محنة *** والدين .. جازت حدها .. نكراء
زعماؤنا - إلا القليل - تورطوا *** فيها , فشقوتنا من الزعماء
صبغوا الصوارم من دماء شعوبهم *** في الأرض ,والأجواء والدماء
تلك الدماء زكية يا ليتها *** سالت لأجل كرامة وجلاء
وتنكروا للدين , فهو خرافة *** في زعمهم جازت على الآباء
حتى غدونا في صميم بلادنا *** شذاذ آفاق من الغرباء
إن الزعامة حين تخضع رغبة *** في الحكم ..تصبح لعنة الشرفاء
كلا ,فلا بالدين يعصف كيدهم *** أبدا ،ولا العربية العرباء
الدين صرح شامل متوسد *** كنف الجبال , وهامة الصحراء
لم تجد فيهم حكمة ووداعة *** بالهمس .. أو بصراحة الصرحاء
فإذا استحى أو خاف منهم خائف *** من سوء دعوته .. دعا بخفاء
سخروا بكل مسالم .. وتهكموا *** جهلا وموجدة على الخلصاء
الفرد يعصف بالجماعة ضاربا *** صفحا عن التشريع والإفتاء
فإذا نصحت له تنفج وانتضى *** سيفا يسيل دما على النصحاء
لو لم يكن نذلا لما حسب العلا *** وقفا ولا إرثا من الآباء
مهلا ..فرب جريمة لم تنتقم *** من ربها انتقمت من الأبناء
ولربما عجلت فراح بطعنة *** ممن أسال دماءهم .. نجلاء
كم أرعن أوحت له نزغاتة *** بالموبقات ..فلج في الإفناء
ريعت به الدنيا وزلزل سمها *** وضميرها من أسوأ الأنباء
لكنه استخذي وقد لاحت له *** نذر الصوارم أيما استخذاء
سحقا لطاغية إذا نزلت به *** أقداره أمسى من الجبناء
يبكي الذي سفك الدماء بريئة ***تعسا له من سافك بكاء
من سامنا خسفا ولاقى مصرعا ***لم يلق غير شماتة وهجاء
رمضان أثقلنا عليك ولم نكن ***يوما على أحد من الثقلاء
عفوا , فإن نفوسنا في نشوة *** تسري من الأعضاء للأعضاء
من بعد ما اصطبرت على لأوائها *** رقصت وقد وافيت من لألأء
محبورة بثوابها ..مغمورة *** بعطائها .. مسرورة بلقاء
لا زلت فينا قادما ومودعا *** تسدى فنثني نحن خير ثناء
يا ذا الجلال ...وأنت خير مؤمل ***للخاطئين ...وأنت خير وقاء
أوغلت في سبل الهوى فإذا الهوى *** يمسي وطائي المشتهي وغطائي
وفناؤك الممتد أرحب ساحة *** من أن يضيق بآثم خطاء
ضاقت علي منازلي ومرابعي *** ومسالكي ..وجفا الجنوب كسائي
ودلفت في جنح الدياجر خائفا ***ونكصت حين أبى علي فنائي
لم يبق لي إلاك فارحم آبقا *** من ناره .. بالروضة الغناء
إني أحن لزهرها وثمارها *** وتحسن برد ظلالها أحشائي
سأطوف في أرجائها متهللا *** متوسلا بعقيدة سمحا ء
رغم الأثام ثوت بصدري صخرة *** شماء لذت بها من الأنواء
يا صخرتي الشماء ..إن تتوسلي ***لله أشد بصخرتي الشماء
فأنا فقير إليه في ملكوته ***والفقر يقصد سيد الكرماء
ما أستريب بعدله وفضله *** أو أستريب بتوبتي ودعائي