بانت سعاد (كعب بن زهير) |
| [من البسيط] |
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ | | مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مَكْبولُ |
وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا | | إِلاّ أَغَنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ |
هَيْفاءُ مُقْبِلَةً عَجْزاءُ مُدْبِرَةً | | لا يُشْتَكى قِصَرٌ مِنها ولا طُولُ |
تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ | | كأنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ |
شُجَّتْ بِذي شَبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ | | صافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْومَشْمولُ |
تَنْفِي الرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ | | مِنْ صَوْبِ سارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ |
أكْرِمْ بِها خُلَّةً لوْ أنَّها صَدَقَتْ | | مَوْعودَها أَو ْلَوَ أَنَ النُّصْحَ مَقْبولُ |
لكِنَّها خُلَّةٌ قَدْ سِيطَ مِنْ دَمِها | | فَجْعٌ ووَلَعٌ وإِخْلافٌ وتَبْديلُ |
فما تَدومُ عَلَى حالٍ تكونُ بِها | | كَما تَلَوَّنُ في أثْوابِها الغُولُ |
ولا تَمَسَّكُ بالعَهْدِ الذي زَعَمْتْ | | إلاَّ كَما يُمْسِكُ الماءَ الغَرابِيلُ |
فلا يَغُرَّنْكَ ما مَنَّتْ وما وَعَدَتْ | | إنَّ الأمانِيَّ والأحْلامَ تَضْليلُ |
كانَتْ مَواعيدُ عُرْقوبٍ لَها مَثَلا | | وما مَواعِيدُها إلاَّ الأباطيلُ |
أرْجو وآمُلُ أنْ تَدْنو مَوَدَّتُها | | وما إِخالُ لَدَيْنا مِنْكِ تَنْويلُ |
أمْسَتْ سُعادُ بِأرْضٍ لايُبَلِّغُها | | إلاَّ العِتاقُ النَّجيباتُ المَراسِيلُ |
ولَنْ يُبَلِّغَها إلاّغُذافِرَةٌ | | لها عَلَى الأيْنِ إرْقالٌ وتَبْغيلُ |
مِنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ | | عُرْضَتُها طامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ |
تَرْمِي الغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ | | إذا تَوَقَّدَتِ الحَزَّازُ والمِيلُ |
ضَخْمٌ مُقَلَّدُها فَعْم مُقَيَّدُها | | في خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ |
غَلْباءُ وَجْناءُ عَلْكوم مُذَكَّرْةٌ | | في دَفْها سَعَةٌ قُدَّامَها مِيلُ |
وجِلْدُها مِنْ أُطومٍ لا يُؤَيِّسُهُ | | طَلْحٌ بضاحِيَةِ المَتْنَيْنِ مَهْزولُ |
حَرْفٌ أخوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ | | وعَمُّها خالُها قَوْداءُ شْمِليلُ |
يَمْشي القُرادُ عَليْها ثُمَّ يُزْلِقُهُ | | مِنْها لِبانٌ وأقْرابٌ زَهالِيلُ |
عَيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ | | مِرْفَقُها عَنْ بَناتِ الزُّورِ مَفْتولُ |
كأنَّما فاتَ عَيْنَيْهاومَذْبَحَها | | مِنْ خَطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ |
تَمُرُّ مِثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ | | في غارِزٍ لَمْ تُخَوِّنْهُ الأحاليلُ |
قَنْواءُ في حَرَّتَيْها لِلْبَصيرِ بِها | | عَتَقٌ مُبينٌ وفي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ |
تُخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ | | ذَوابِلٌ مَسُّهُنَّ الأرضَ تَحْليلُ |
سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً | | لم يَقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْمِ تَنْعيلُ |
كأنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها إذا عَرِقَتْ | | وقد تَلَفَّعَ بالكورِ العَساقيلُ |
يَوْماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً | | كأنَّ ضاحِيَهُ بالشَّمْسِ مَمْلولُ |
وقالَ لِلْقوْمِ حادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ | | وُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا |
شَدَّ النَّهارِ ذِراعا عَيْطَلٍ نَصِفٍ | | قامَتْ فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ |
نَوَّاحَةٌ رِخْوَةُ الضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها | | لَمَّا نَعَى بِكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ |
تَفْرِي الُّلبانَ بِكَفَّيْها ومَدْرَعُها | | مُشَقَّقٌ عَنْ تَراقيها رَعابيلُ |
تَسْعَى الوُشاةُ جَنابَيْها وقَوْلُهُمُ | | إنَّك يا ابْنَ أبي سُلْمَى لَمَقْتولُ |
وقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ آمُلُهُ | | لا أُلْهِيَنَّكَ إنِّي عَنْكَ مَشْغولُ |
فَقُلْتُ خَلُّوا سَبيلِي لاَ أبالَكُمُ | | فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَّحْمنُ مَفْعولُ |
كُلُّ ابْنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ | | يَوْماً على آلَةٍ حَدْباءَ مَحْمولُ |
أُنْبِئْتُ أنَّ رَسُولَ اللهِ أَوْعَدَني | | والعَفْوُ عَنْدَ رَسُولِ اللهِ مَأْمُولُ |
وقَدْ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ مُعْتَذِراً | | والعُذْرُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ مَقْبولُ |
مَهْلاً هَداكَ الذي أَعْطاكَ نافِلَةَ | | الْقُرْآنِ فيها مَواعيظٌ وتَفُصيلُ |
لا تَأْخُذَنِّي بِأَقْوالِ الوُشاة ولَمْ | | أُذْنِبْ وقَدْ كَثُرَتْ فِيَّ الأقاويلُ |
لَقَدْ أقْومُ مَقاماً لو يَقومُ بِه | | أرَى وأَسْمَعُ ما لم يَسْمَعِ الفيلُ |
لَظَلَّ يِرْعُدُ إلاَّ أنْ يكونَ لَهُ مِنَ | | الَّرسُولِ بِإِذْنِ اللهِ تَنْويلُ |
حَتَّى وَضَعْتُ يَميني لا أُنازِعُهُ | | في كَفِّ ذِي نَغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ |
لَذاكَ أَهْيَبُ عِنْدي إذْ أُكَلِّمُهُ | | وقيلَ إنَّكَ مَنْسوبٌ ومَسْئُولُ |
مِنْ خادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ | | مِنْ بَطْنِ عَثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ |
يَغْدو فَيُلْحِمُ ضِرْغامَيْنِ عَيْشُهُما | | لَحْمٌ مَنَ القَوْمِ مَعْفورٌ خَراديلُ |
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ لَهُ | | أنْ يَتْرُكَ القِرْنَ إلاَّ وهَوَمَغْلُولُ |
مِنْهُ تَظَلُّ سَباعُ الجَوِّضامِزَةً | | ولا تَمَشَّى بَوادِيهِ الأراجِيلُ |
ولا يَزالُ بِواديهِ أخُو ثِقَةٍ | | مُطَرَّحَ البَزِّ والدَّرْسانِ مَأْكولُ |
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ | | مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ |
في فِتْيَةٍ مِنْ قُريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ | | بِبَطْنِ مَكَّةَ لَمَّا أسْلَمُوا زُولُوا |
زالُوا فمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ | | عِنْدَ الِّلقاءِ ولا مِيلٌ مَعازيلُ |
شُمُّ العَرانِينِ أبْطالٌ لُبوسُهُمْ | | مِنْ نَسْجِ دَأوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ |
بِيضٌ سَوَابِغُ قد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ | | كأنَّها حَلَقُ القَفْعاءِ مَجْدولُ |
يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ | | ضَرْبٌ إذا عَرَّدَ السُّودُ التَّنابِيلُ |
لا يَفْرَحونَ إذا نَالتْ رِماحُهُمُ | | قَوْماً ولَيْسوا مَجازِيعاً إذا نِيلُوا |
لا يَقَعُ الطَّعْنُ إلاَّ في نُحورِهِمُ | | وما لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ |