المحاور الخمسة للقرآن الكريم الله الواحد ٬ والكون الدال على خالقه ٬ والقصص
القرآني ٬ والبعث والجزاء ٬ والتربية والتشريع.... هذه هي المحاور الخمسة
التي أفاض القرآن في ذكرها٬ وانتهى فضيلة أستاذنا الإمام محمد الغزالي إلى
أنها أمهات لمسائل أخرى كثيرة تندرج تحتها... بل ذهب المسلمون يعالجون
تفسير القرآن ٬ معالجة جزئية حرفية٬ دون أن يبسطوا الحقائق القرآنية الكبرى
بسطا يرتفع إلى مستواها٬ ويستمد منها القيم القرآنية٬ التي وضعها الله
لتقود المسلمين بالقرآن إلى التي هي أقوم!! وفى قرون متطاولة من تاريخنا٬
سيطر المنهج اليوناني على المنهج الإسلامي٬ وترجمت كتب فلاسفة الإغريق؟
لتكون مصدرا لفهمنا٬ ومحكا نقيس على قواعدها ما عندنا… بينما كان العكس هو
الذي ينبغي أن يكون… فنحن الأسلم فكرا٬ والأنقى عقيدة٬ والأصدق وحيا…
وتصورنا الإسلامي لله٬ هو التصور الذي يليق بعظمة الله، ويقدر الله حق
قدره... كما أن التصور القرآني للكون٬ هو أصدق تصور٬ وهو الدليل الأكبر على
عظمة الخالق٬ وهو الآية العظمى بنسيجها البديع٬ ونظامها الدقيق٬ وحركتها
المنضبطة التي لا تتخلف جزءا من مائة من ثانية واحدة.. هذا التصور القرآني
للكون هو كذلك من أقوى ما لدينا من صور الإعجاز التي اهتم بها القرآن وغفل
عنها المسلمون٬ واخترعوا بدلا من التعمق في فقه آية الكون العظمى علم
كلام جدلي أشبه ما يكون بالمنهج الأرسطي الجدلي... وكان هذا من عوامل ضعف
صلتهم بالقرآن ٬ وبلادة حركتهم الفاعلة في الحضارة...
–ومن العجيب أن قدرا كبيرا من القرآن يعالج ما يسمى بالقصص القرآني...
ومعالجته ليست لمجرد أن يكون القرآن كتاب تاريخ أو أن يكون من باب الإعجاز
القرآني.. بل الأمر أعمق من ذلك وإن كان ذلك جزءا من الإعجاز..!! فالمقصد
الأسمى أن يفهم المسلمون سنن الله الكونية والاجتماعية ٬ وألا يحاولوا
القفز من فوق سنن الله ٬ وأن يعوا أنهم لن يمكنوا في الأرض إلا إذا تفاعلوا
التفاعل الصحيح مع هذه السنن... ويفهموا أيضا أن التاريخ ذاكرة ضرورية
للحاضر والمستقبل... وهو “الكمبيوتر” الذي يغذى الحاضر بالمعلومات الصحيحة٬
فيمكن الوصول إلى القرار المستقبلي الصحيح!! – وقد تحدث القرآن حديثا
مستفيضا عن البعث والجزاء ٬ وكأنهما حاضر يراه الناس ...
المحاور الخمسة للقرآن الكريم
- دار النشر : دار القلم
- تاريخ النشر : 12 - 02 - 2008
- عدد الصفحات :