بسم الله الرحمان الرحيم
ثم ماذا مع جماعة أبولو....؟
-باطلالة 1922 نشط الشعر بمصر وبدأت القرائح تتوافد بالأنتاج الغزير ليصب
عبر جماعات متباينة هذه جماعة الديوان برئاسة العقاد وجملة من النقاد كاشكري
والمازني , وجماعة أبولو التي دعا اليها *أحمد زكي أبو شادي * وأسند رئاستها
سنة 1932 ل *أحمد شوقي * الذي ما لبث أن توفاه الموت من نفس السنة .
فكان الحظ لخليل مطران الذي ترأسها وأصبح كاتب سرها وأصدر مجلة فضل
تسميتها بمجلة *أبولو* ودامت حتى سنة 1935 بين في عددها الأول :فكرة
الجمعية - وغايتها - وسبب اختيار هذا الاسم لها - أما فكرتها السمو بالشعر,
وغايتها العناية بالشعراء , وبحياتهم المادية , وأما اسمها استعروه من
(الميثولوجيا الاغريقية ) التي تزعم أن أبولو رب الشعر والموسيقى وهذا
إشارة
ْْ منهم الى أن فنهم يدل على اسم عالمي . مع العلم أن أبولو رب كل شعر عند
الاغريق لا يفرق بين ربوبيته بين شعر وشعر ولا بين مذهب فني ومذهب .
لذلك نجد أن هذه الجماعة لم يكن لها هدف شعري ولا مذهب أدبي معين بل هي
جماعة كل شعر مصري .
وهي تفقد التخطيط الفني منذ أول الأمر ومن أبرز شعرائها *أبو شادي* الذي
تدفق شعره وكأنه دائرة معارف شعرية فتراه يسبح في الحب والطبيعة والسماء
ثم ينزل الى الأسواق والموالد في حين يعتلي جبال الأولمب ويستوحي
الميثولوجيا والأساطير الأغريقية ثم الى المركبات وطرق المواصلات الحديثة
ثم يعرج الى التاريخ العربي والأثار القديمة متجها اتجاها وطنياأ وقوميا
أوفرديا أوعالميا . ويتكلم في الإنسانيات والمثاليات ثم ينزل الى سفح
الحياة .
فلا يستقرفي موضوع ولا في اتجاه وهو في كل هذا الخضم الشعري يحافظ
على الأطار التقليدي تارة ويتخلى عنه في قصائد أخرى مستخدما أسلوبا ضعيفا
يحوي كلمات عامية .
ومن هنا كانت شخصيته في شعره مشتتة لا ضابط لها..والى لقاء آخر
مع التكملة.................
مع جماعة أبولو....تكملة
بسم الله الرحمان الرحيم
-وكان التهافت على هذه الجماعة واقتفاء أثرها في تزايد خاصة في صفوف
الشباب الذين استهوتهم الحرية والانطلاق ورغم تواجد الرومانسية بشكل واسع
والتأثيرات بالأدب المهجري أوسع إلا أن الظروف السياسية من استبداد داخلي ،
الوجود الاستعماري والضغوطات المفروضة هنا وهناك قزمت حرية التعبير بل
كممت الأفواه,ووضعت الأغلال على العقول والقلوب. مما أدىبالشعراء الى
الإنطواء واجترارالآلام والأحزان وما كانت إلا الطبيعة مرتعا لهذه
الأحاسيس التي فجرت دواوين شتى كديوان (من وراء الغما م) لإبراهيم ناجي ,
و( الشعلة,وفوق العباب ) لأبي شادي ,و(الملاح التائه) لعلي محمود طه
,و(الألحان الضائعة)لحسن الصيرفي, و(الأنفاس المحترقة ) لمحمود ابي الوفا .
وأكثر شعراء هذه الجماعة *علي محمود طه , وابراهيم ناجي هذا الذي ارتبط
ارتباطا شديدا بنفسه وبالنزعة الرومانسية فتراه يغرق في تصوير نفسه وما
يخالجها من انفعالات وتعطش كبير الى ما يطفئ هزيمته التي أصيب بها على
حد تعبيره في الحب والصداقة والعلاقات الاجتماعية . وكانت هذه الجماعة هي
الفضاء الفسيح الذي احتضن هذه الأوجاع وأبرز لنا شخصية أبي ناجي بجميع
ملامحها ,شخصية شاعر مجروح يئن دائما ويشكو قساوة الزمن :
-عندي سماء شتاءغير ممطرة *** سوداء في جنبات النفس جرداء
-خرساء آونة هوجاء آونة *** وليس تخدع ظني وهي خرساء
هذه السودوية التي نري احمد زكي يطلقها الى عالم يسبح في الاحلام وهو يقول: -هات لي العود وغني *** واسمعي شجوى وأني
-تطرحي الأحزان عني *** فأؤدي صلواتي
ولا يلبث الا أن يستيقظ على واقع المجتمع فيعلن كلمته مدوية الى الشعب :
-ياشعب قم وانشد حقو *** قك فالخنوع هو الممات
-تشكو الغريب وعلة ال *** شكوى الزعامات الموات
وكان لعلي محمود طه باعا في هذه الجماعة رغم قلة معارفه بالأداب الغربية
حيث تأثر بأحمد شوقي وكان من المعجبين بموسيقاه الشعرية التي قلدها في
معظم أشعاره فجاء شعرا رقراقا منسابا يحنو اليه العود وتستميله النفس
ولعل رائعته التي نظمها يستصرخ فيها العرب لنجدة فلسطين نعم فلسطين
الحبيبة التي لا زالت دماؤها تسيل وتسيل .....كانت هذه الرائعة بعنوان
*نداء الفداء * والتي مطلعها :
أخي ! جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد و حق الفدا
وقد غنى هذه القصيدة *محمد عبد الوهاب * وذاع صيتها في الأقطار العربية
وبحق كانت صرخة مدوية هزت همة الرجل والشارع العربي انذاك .
هكذا نرى أن جماعة أبولو كان لهاصداها داخل الوطن العربي في وقت كان
للكلمة الشاعرية بريد الى القلوب والضمائر وراحت تستقطب كل حر ليفرز آهاته
واحلامه وطموحاته.... انتهى.