الفارس المدير
جنسيتي :
مهنتي :
مزاجــي :
الجنس :
عدد المساهمات : 2339
تقييم الأعضاء : 10
نقاط : 280833
العمر : 32
| موضوع: العرب ومنظمة التجارة العالمية الخميس 06 مايو 2010, 18:25 | |
| الفترة الواقعة بين 1947 و1994 نظمت ثماني جولات للاتفاقات التجارية متعددة الأطراف. وتعد الجولة الأخيرة (أوروغواي 1986-1994) أهم واعقد وأطول الجولات بسبب ازدهار العلاقات الاقتصادية العالمية بدرجة كبيرة جدا، فقد تزايدت الصادرات السلعية واتسعت حركات رؤوس الأموال وحدث تقدم تكنولوجي هائل وسريع في ميدان انتقال وتبادل المعلومات. أضف إلى ذلك أن التنظيم التجاري العالمي الجديد لم يعد يقتصر على السلع بل يشمل أيضا الخدمات التي باتت تشكل خمس المبادلات العالمية وكذلك حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة. كما تمخض عن هذه الجولة ظهور منظمة التجارة العالمية التي أصبحت الإطار الوحيد لتنفيذ النظام التجاري الجديد القائم على الاتفاقات متعددة الأطراف (29 اتفاقا). يرتكز هذا النظام على تحرير التجارة العالمية من القيود الكمية والرسوم الجمركية وفق مبدأين أساسيين هما:
- المبدأ الأول: الدول
الأولى بالرعاية. ويعني أن الامتيازات الممنوحة من قبل دولة لبلد ما يجب أن تمنح أيضا للبلدان الأخرى. يهدف هذا المبدأ إذن إلى تحقيق المساواة بين جميع الدول.
- المبدأ الثاني: المعاملة
الوطنية، ويقضي بأن السلع المستوردة يجب أن تعامل معاملة السلع المنتجة محليا. وتكمن أهمية هذا المبدأ في المساواة بين السلع بغض النظر عن الدولة المنتجة. لكن النظام الجديد وضع عدة استثناءات على هذين المبدأين.
تختلف استفادة الدول من هذا النظام تبعا لدرجة تقدمها الاقتصادي وإمكانياتها المالية والتكنولوجية، كلما ارتفعت هذه الدرجة وهذه الإمكانيات زادت المكاسب، والعكس بالعكس، وعلى هذا الأساس لم يقم النظام الجديد على اعتبارات إنسانية تهتم بمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للبلدان الفقيرة، بل على المنافسة الحادة في جميع الميادين التي قد تفضي إلى تعقيد هذه المشاكل، ولم يقم على المساواة بل على استمرار هيمنة الدول الصناعية الكبرى على الاقتصاد العالمي. ولما كان العالم العربي يتكون من بلدان نامية، تصبح مكاسبه ضعيفة مقارنة بتلك التي يحققها العالم الصناعي، ولما كانت هذه البلدان العربية مختلفة اختلافا كبيرا في ما بينها من حيث تقدمها الاقتصادي وإمكانياتها المالية، تصبح استفادتها وكذلك معاناتها من النظام الجديد متباينة. ورغم ذلك فإن الانتماء إلى منظمة التجارة العالمية أقل خطورة من الانزواء. وهكذا انضمت إليها 11 دولة عربية، وسوف تحصل بلدان أخرى على العضوية في المستقبل القريب. تضاعف حجم التجارة العالمية وانحصار التجارة العربية الخارجيةبين عام 1980 وعام 1999 تضاعف حجم التجارة العالمية مرتين، في حين تراجع حجم التجارة الخارجية العربية. في بداية هذه الفترة كانت تجارة الأقطار العربية تشكل 85% من ناتجها المحلي الإجمالي ثم وصلت في نهايتها إلى 43%. تراجعت إذن وبشكل كبير أهمية التجارة الخارجية في الاقتصاديات العربية، في حين حدث العكس تماما على الصعيد العالمي خاصة في الدول الصناعية الكبرى والآسيوية والأميركية اللاتينية. وخلال تلك الفترة ارتفع الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العربية بنسبة 52% وانخفضت التجارة الخارجية بنسبة 24%، أي لم تقد زيادة الإنتاج إلى تحسين المبدلات الخارجية، في حين حدث العكس على الصعيد العالمي. بل إن نسبة زيادة التجارة الخارجية العالمية تفوق نسبة زيادة الإنتاج العالمي. لاشك أن تراجع إيرادات النفط ساهم في هذه النتيجة، ولكن يتعين عدم المبالغة في ذلك، فحتى على افتراض حصول البلدان العربية حاليا على إيرادات نفطية تعادل تلك التي كانت تحققها في بداية الثمانينيات فإن الملاحظات المذكورة تبقى صحيحة من الناحية المبدئية. يعود تباطؤ الأهمية التجارية العربية إلى عدة عوامل ليست فقط اقتصادية بل كذلك إدارية وسياسية وعسكرية، لكن هذا البحث سيناقش فقط الانعكاسات الإيجابية والسلبية للنظام التجاري العالمي المنبثق عن جولة أوروغواي على التجارة الخارجية للبلدان العربية. وسوف تعتمد المنهجية على التحليل الجزئي لهذا النظام أي تفكيكه إلى عناصره المختلفة وبيان تأثير كل عنصر على الاقتصاديات العربية. أولاً: تأثير تحرير التجارة العالميةمنحت الاتفاقات متعددة الأطراف فترة انتقالية للبلدان النامية ومن بينها الأقطار العربية لمساعدتها على تنفيذ الالتزامات الناجمة عن هذه الاتفاقات. المبدأ العام إذن هو أن الانتماء إلى منظمة التجارة العالمية يعني استعداد تلك البلدان بعد انقضاء الفترة الانتقالية لتحمل جميع الالتزامات التي تتحملها الدول الصناعية. الأقطار العربية كغيرها من البلدان النامية تعتمد في تجارتها الخارجية اعتمادا أساسيا على السلع (مواد أولية ومصنعة ومنتجات غذائية)، ولكن على خلاف الاتفاق العام للغات لا يقتصر التنظيم الجديد على تجارة السلع بل امتد ليشمل أيضا تجارة الخدمات وحقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة. 1– تجارة السلعتلتزم الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتحويل القيود الكمية (كمنع دخول السلع وأنظمة الحصص والتعقيدات الإدارية المبالغ فيها) التي تراكمت منذ فترة طويلة إلى رسوم جمركية. وعلى هذه الدول أن تضع حدا أعلى للرسوم الجمركية المفروضة على جميع السلع. لا يجوز تجاوز هذا الحد لاحقا إلا في حالات مكافحة الإغراق أو الوقاية التي تخضع لشروط محددة. تذكر تقارير منظمة التجارة العالمية أن جولة أوروغواي أدت إلى تقليص الرسوم الجمركية المفروضة على السلع المصنعة بنسبة 38% في الدول الصناعية و19% في البلدان النامية. لا بد من الوقوف عند طريقة حساب هاتين النسبتين التي توحي بأن المجموعة الأولى خفضت رسومها بنسبة عالية تعادل ضعف نسبة التخفيض في المجموعة الثانية. والواقع أن كلا من هاتين النسبتين كان نتيجة حسابية للعلاقة بين سعر (تعريفة) الرسوم الجمركية قبل وبعد جولة أوروغواي. قبل هذه الجولة كان المعدل العام لأسعار الرسوم الجمركية في الدول الصناعية 6.3% وانتقل بعدها إلى 3.9%. بلغ التخفيض إذن 2.4 نقطة مئوية. لتضخيم هذه النتيجة أجروا معادلة بين 2.4 نقطة و6.3% ليحصلوا على 38%. ولا علاقة لهذه النسبة الأخيرة بسعر الرسوم، فهي تمثل نسبة هبوط الإيرادات فقط. وينطبق هذا الوصف على البلدان النامية، حيث كان المعدل العام لأسعار رسومها الجمركية 15.3% قبل جولة أوروغواي فأصبح 12.3% بعدها. بلغ التخفيض إذن ثلاث نقاط مئوية أي أعلى من التخفيض في الدول الصناعية. لكن الأمر المهم لا يتصل بكيفية حساب الهبوط بل بتأثيره على التجارة العالمية وبالتالي على الاقتصاديات العربية. المعدل العام لأسعار الرسوم الجمركية في الدول الصناعية ضعيف جدا حتى قبل جولة أوروغواي، في حين أن هنالك ضرائب أخرى مطبقة في هذه الدول أعلى بكثير من الرسوم الجمركية تفرض على الواردات من البلدان النامية بما فيها العربية وتؤثر بشدة على اقتصادياتها (انظر لاحقاً الفقرة الخاصة بالرسوم الجمركية والضرائب على الاستهلاك)، ولم تستطع هذه البلدان بسبب ضعفها وتشتتها التفاوض مع الدول الصناعية بشأن تقليصها، كما لا يفضي بالضرورة تخفيض المعدل العام لأسعار الرسوم الجمركية إلى زيادة الاستهلاك في الدول المستوردة. لأن هذه الزيادة تعتمد على مؤثرات عديدة لا مجال لتفصيلها تختلف حسب طبيعة المنتجات الصناعية. ينطبق هذا التحليل إلى حد كبير على الصادرات البتروكيمياوية العربية. وعلى هذا الأساس يصعب الجزم بزيادة المبادلات مع البلدان النامية على إثر هبوط الرسوم الجمركية في الدول الصناعية. تقليص المعدل العام في الدول الصناعية نجم بالدرجة الأولى عن إلغاء الرسوم المفروضة على واردات سلع محددة كالمعدات الطبية والأدوية والآلات الإلكترونية والمشروبات الروحية ولعب الأطفال. ويتم الجزء الأكبر من تجارة هذه السلع بين الدول الصناعية. تقرر هذا الإلغاء بموجب اتفاقات تمت بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من الناحية النظرية يمكن للبلدان النامية الاستفادة من هذه الاتفاقات، ولكن من الناحية العملية لا تنتج أغلب هذه البلدان تلك السلع إلا بكميات قليلة ناهيك عن عدم قدرتها على المنافسة بسبب ضعف جودتها. صناعة النسيج والملابسوفي المقابل يلعب قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة دورا مهما في اقتصاديات البلدان العربية، فهو يشغل عددا كبيرا من العمال ويسهم إسهاما فاعلا في تحسين وضع الموازين التجارية. بلغ عدد العاملين في هذا القطاع 854 ألف شخص يشتغلون في 76 ألف منشأة. ثلاثة أرباع هؤلاء العمال في مصر وتونس والمغرب (راجع نشرة الإحصاءات الصادرة عن المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين لعام 1998). كما بلغ حجم الصادرات العربية من هذه السلع حوالي ستة مليارات دولار. يتجه قسطها الأكبر إلى أسواق الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة. لذلك يتوقف نمو الصادرات وكذلك مستوى العمالة في الأقطار العربية على التنظيم التجاري العالمي. كلما كثرت القيود الكمية والضريبية تقلصت الصادرات وتردت الحالة الاجتماعية والاقتصادية للعمال. قبل جولة أوروغواي كانت الدول الصناعية تفرض قيوداً كمية على وارداتها من المنسوجات والملابس الجاهزة بموجب ما يسمى باتفاق الألياف لعام 1974. كانت الحكمة منه حماية منتجيها من منافسة سلع البلدان النامية. أضر الاتفاق بمصالح هذه البلدان بما فيها العربية. كما قاد إلى استياء المستهلكين أصحاب الدخول الضعيفة في الدول الصناعية بسبب ارتفاع أسعار الملابس والمنسوجات. لذلك قررت هذه الدول في جولة أوروغواي التنازل عن اتفاق الألياف فحل محله الاتفاق متعدد الأطراف حول المنسوجات والملابس. لكن الاتفاق الجديد لم يحرر كليا وفورا تجارة هذه السلع. بل يتعين المرور بأربع مراحل مدتها عشر سنوات يتم خلالها وعلى التوالي تحرير 16% و17% و18% و49% من قيمة الواردات الكلية لتلك السلع. وهنالك جهاز خاص تابع لمنظمة التجارة العالمية يشرف على هذه المراحل ويضع تقريرا عن كل مرحلة. في فبراير/ شباط 1998 قام الجهاز بدراسة نتائج المرحلة الأولى من الاتفاق الجديد. يستشف منها تذمر البلدان النامية التي تؤكد أن الالتزامات المتفق عليها في جولة أوروغواي لم تنفذ بصور مقبولة. كما أن تحرير جزء من واردات المنسوجات والملابس أدى تلقائيا إلى ارتفاع الرسوم الجمركية تحت غطاء مكافحة الإغراق أو ضرورة الإجراءات الوقائية. المنتجات الزراعيةينصرف الجانب الثاني من التجارة السلعية إلى المنتجات الزراعية. تحت ظل الغات كانت تجارة هذه المنتجات تتسم بكثرة القيود الكمية وارتفاع الرسوم الجمركية، وبات من الضروري وفق التنظيم الجديد المنبثق عن جولة أوروغواي إلغاء هذه القيود والاستعاضة عنها برسوم جمركية. حسب تقارير منظمة التجارة العالمية 30% من تلك القيود تحولت إلى رسوم بعد سنة واحدة من إنشاء المنظمة. ويلتزم الأعضاء بتقليص هذه الرسوم تدريجيا خلال ست سنوات بنسبة معدلها 36% في ما يخص الدول الصناعية وعشر سنوات بنسبة معدلها 25% في ما يخص الدول النامية. أما البلدان الأقل نموا فهي غير مجبرة على تقليص رسومها الجمركية المفروضة على الواردات الزراعية. ولكن يحق لأية دولة منع استيراد بعض المواد الزراعية لأسباب صحية شريطة أن يستند هذا المنع على معطيات علمية وألا يطبق على سلعة دولة دون أخرى. ولهذا التنظيم آثار حسنة على الدول العربية المنتجة للمواد الزراعية كسوريا والسودان، إذ إن انفتاح الأسواق يشجع على زيادة الصادرات. ومن زاوية أخرى تعتمد الصادرات الزراعية لبعض البلدان العربية على الاتفاقات التفضيلية مع الشركاء التجاريين الرئيسيين، ومن بينها اتفاقات كل من المغرب وتونس والأردن مع الاتحاد الأوروبي. وبالتالي لا تتأثر صادرات هذه البلدان بعمليات تحويل القيود إلى رسوم أو بتقليص الرسوم إلا عندما تنتهي مدة تلك الاتفاقات، لكنها تتأثر سلبيا من جانب آخر وهو اتساع رقعة المنافسة التي تتعرض لها بسبب انفتاح الأسواق أمام المنتجات الزراعية للدول غير المنتمية لتلك الاتفاقات. بالنتيجة النهائية تتضرر صادرات الدول التي لا تملك منتجاتها قدرة تنافسية عالية. نصت المادة الثامنة من الاتفاق متعدد الأطراف حول تجارة المنتجات الزراعية على ضرورة تقليص الدعم المقرر للصادرات الزراعية، لأنه يخل بشروط المنافسة التي يقوم عليها النظام التجاري العالمي. وتقليص الإعانات يعني زيادة كلفة الإنتاج وما ينجم عنها من ارتفاع أسعار السلع الزراعية عند تصديرها، فيتضرر المستهلكون أصحاب الدخول الضعيفة في الدول المستوردة. وسيكون العالم العربي في مقدمة المناطق المتأثرة من تحرير تجارة المنتجات الزراعية لكونه مستوردا صافيا للمواد الغذائية، وتقدر الصادرات الزراعية العربية بأقل من سبعة مليارات دولار، أي 1% فقط من الصادرات الزراعية العالمية. أما وارداتها فتفوق 28 مليار دولار، أي 6% من الواردات الزراعية العالمية. بطبيعة الحال هنالك بلدان عربية تعتمد اعتمادا أساسيا على الصادرات الزراعية. ولكن لا ينتظر أن تحقق مكاسب مهمة، نظرا لضعف مقدرتها الإنتاجية وندرة استخدام التكنولوجيا الحديثة. تعاني الموازين الزراعية العربية من عجز مزمن، فحصيلة الصادرات الزراعية لا تمول سوى جزء من مبلغ الواردات الزراعية، في تونس تغطي حصيلة الصادرات 77% من مبلغ الواردات. وتهبط النسبة إلى أقل من 16% في مصر والسعودية ولبنان وإلى اقل من 4% في الكويت وليبيا والجزائر والعراق (أجرينا حساب هذه النسب انطلاقا من الإحصاءات المنشورة في الكتاب السنوي للتجارة لعام 1998 الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة). على صعيد منظمة التجارة العالمية لا توجد معالجة حقيقية لهذه المشكلة. ويتضح ذلك في الاتفاق متعدد الأطراف حول الإجراءات المتعلقة بالآثار السلبية لتحرير تجارة المنتجات الزراعية على البلدان النامية، يدعو هذا الاتفاق إلى ضرورة تقديم المساعدة اللازمة لمواجهة هذه المشكلة. لكن المنظمة ليست مؤسسة تمويل وهي غير قادرة على منح مساعدات مالية، لأن اعتمادات ميزانيتها لا تتعدى 82 مليون دولار مخصصة لمرتبات موظفيها ومصاريفها الإدارية. بالنتيجة النهائية لم يجد الاتفاق بدا من إحالة هذه المشكلة إلى صندوق النقد الدولي والبنك العالمي (الفقرة الخامسة من الاتفاق). وهكذا خلقت منظمة التجارة العالمية أزمة للبلدان النامية ومنها الدول العربية بسبب تحرير تجارة المنتجات الزراعية ولم تقدم أي حل مقبول، وعلى هذا الأساس سوف يفضي هذا التحرير إلى تفاقم المديونية الخارجية بسبب تزايد القروض الممنوحة من قبل صندوق النقد الدولي وإلى تزايد التبعية للإعانات الغذائية الخارجية. يطرح هذا الوضع ضرورة التعاون العربي المشترك. فبدلا من رصد مليارات الدولارات سنويا لشراء الحبوب من الدول الصناعية وبدلا من الوقوع بتلك المشاكل، يمكن إيجاد صيغة مناسبة للعمل على إصلاح الأراضي القابلة للزراعة في عدة بلدان. نستنتج مما تقدم أن تحرير التجارة السلعية لا يزال يمر بمرحلة انتقالية قوامها إلغاء القيود الكمية المتراكمة والاستعاضة عنها برسوم جمركية غالبا ما تكون مرتفعة. وحتى إن هذا الإلغاء غير فوري في ميدان المنسوجات والملابس الجاهزة. 2– تجارة الخدماتأصبحت الخدمات تحتل مركزا مهما في التجارة العالمية، ففي عام 2000 بلغ حجمها 1415 مليار دولار أي خمس التجارة العالمية الكلية، والواقع أن حجمها الحقيقي يفوق هذا المبلغ لأن إحصاءات التجارة الخارجية تعتمد على انتقال الخدمات من دولة إلى أخرى ولا تسجل العمليات التي تجري داخل الدولة بين الشركات الأجنبية والشركات المحلية. وكتجارة السلع تستحوذ الدول الصناعية على الجزء الأكبر من تجارة الخدمات، فقد بلغت صادرات الخدمات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكندا 939 مليار دولار أي ثلثي صادرات العالم، كما لهذه الدول أهمية مماثلة في الاستيراد، في حين لا تتجاوز صادرات البلدان الأفريقية 30 مليار دولار أي 2.1% فقط من صادرات الخدمات في العالم. وتبلغ وارداتها 38 مليار دولار أي 2.7% من الواردات العالمية. لا تتعدى صادرات وواردات هذه البلدان ثلث تجارة الخدمات اليابانية. أما تجارة الخدمات لبلدان الشرق الأوسط فلا تزيد على تجارة الخدمات في أفريقيا. وتسجل السعودية المرتبة العربية الأولى من حيث وارداتها البالغة 14 مليار دولار. في السابق كان الاتفاق العام للغات مقتصرا على تجارة السلع، ومع بداية جولة أوروغواي عام 1986 اقترحت الولايات المتحدة بمساندة المجموعة الأوروبية إدخال الخدمات في التنظيم التجاري العالمي، واجه هذا الاقتراح معارضة شديدة من قبل البلدان النامية بما فيها الناشئة. كما ظهرت خلافات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن تحرير بعض الخدمات، فعلى سبيل المثال ترى الولايات المتحدة ضرورة فتح الأسواق أمام البرامج المرئية في حين تعارض أوروبا خاصة فرنسا هذا التحرير متمسكة بالاعتبارات الثقافية. وهكذا لم تتوصل جولة أوروغواي إلى معالجة نهائية لتجارة الخدمات مكتفية باتفاق عام حولها، إنه إطار لمباحثات لاحقة ستقود إلى تحرير أوسع لتجارة الخدمات. بكيفية عامة تشمل تجارة الخدمات مجالات عديدة كالاتصالات والسياحة والخدمات المصرفية وتحويلات العمال الأجانب والمقيمين بالخارج، ولكن هنالك خدمات لا تدخل في التنظيم التجاري العالمي كتلك التي تقدمها الحكومات للقيام بوظائفها بما فيها عمليات البنوك المركزية، كما لا تخضع لهذا التنظيم الأنظمة الداخلية المرتبطة بتأشيرة دخول الأجانب أو الإقامة رغم أنها تؤثر مباشرة على تجارة الخدمات كالسياحة. يمكن تقسيم الاتفاق متعدد الأطراف إلى ثلاثة محاور:
- المحور الأول: ويتعلق بالمبادئ
العامة التي تسري على جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية وهي الدولة الأولى بالرعاية والمعاملة الوطنية وشفافية السياسة التجارية، فعلى كل عضو في المنظمة أن يمنح حالا ودون شرط معاملة متساوية لجميع الأعضاء، وعلى كل عضو أن يعامل خدمات دولة أخرى معاملة الخدمات المحلية، وعليه نشر القوانين والأنظمة والقرارات والإجراءات التفصيلية المرتبطة بالخدمات. ويتعين إعلام مجلس تجارة الخدمات التابع للمنظمة على الأقل مرة واحدة سنويا بالتعديلات التي تطرأ عليها. ويحق لأي عضو طلب معلومات حول الخدمات في دولة أخرى شريطة ألا يؤدي ذلك إلى المساس بالمصلحة العامة أو مصالح الشركات. ويناشد الاتفاق متعدد الأطراف الدول الصناعية بذل جهودها لتقديم المعلومات للدول النامية بغية تطوير قطاعاتها الاقتصادية.
- المحور الثاني: ويتناول القوائم
التي تتضمن خدمات معينة تلتزم الدولة بتحريرها وفق شروط معينة. كأن تلتزم بفتح أسواقها أمام المنافسة الأجنبية في ميدان النقل الجوي، يتم وضع هذه القوائم من قبل الدولة بمحض إرادتها. ولها تعديلها في أي لحظة بمجرد مرور ثلاث سنوات على بداية تنفيذ الالتزام، وعليها إعلام مجلس تجارة الخدمات برغبتها في إجراء التعديل قبل ثلاثة أشهر من تاريخ تنفيذه، في حالة عدم اعتراض أي عضو في منظمة التجارة العالمية يدخل التعديل حيز التنفيذ وتتحرر الدولة من التزامها. أما إذا أدى التعديل إلى تضرر عضو ما يتعين إجراء مفاوضات ثنائية لإزالة الضرر عن طريق التعويض كأن يحصل العضو المتضرر على امتيازات تجارية أو مالية جديدة من الدولة. وإن لم تقد المفاوضات إلى حل يجب اللجوء إلى التحكيم.
- المحور الثالث: ويحتوى
على ثمانية أشكال للخدمات ملحقة بالاتفاق كالخدمات المالية والنقل الجوي. وتقرر أن تجرى مفاوضات متعددة الأطراف لاحقاً للتوصل إلى تنظيم نهائي لها. تعكس هذه المشاكل تباين المصالح الاقتصادية والمالية للدول، كما ترتبط ارتباطا وثيقا بالجوانب الثقافية والأمنية والأخلاقية.
وفي ما يخص تأثير التنظيم التجاري العالمي على الدول العربية نلاحظ أن تجارة الخدمات تعتمد على ثلاثة أصناف أساسية:
- التحويلات بدون مقابل (دخول العمال
الأجانب والعمال المقيمين بالخارج).
- السياحة
- دخل الاستثمار. وتختلف هذه الدول
اختلافا كبيرا من حيث أهمية كل صنف ونتائجه التجارية.
في مصر ترتكز تجارة الخدمات على تحويلات العمال المصريين المقيمين بالخارج وعلى السياحة، في عام 1999 بلغ فائض هذه التجارة 8446 مليون دولار. لهذه النتيجة الإيجابية دور كبير في امتصاص الجزء الأكبر من عجز الميزان التجاري السلعي. إلى جانب مصر حققت تجارة الخدمات فائضا في دول أخرى كتونس ولبنان والمغرب قدره على التوالي 1708 و1621 و2286 مليون دولار عام 1999. هذه البلدان سياحية ومصدرة لليد العاملة. يمكنها الاستفادة من المبدأ العام المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة 11 من الاتفاق متعدد الأطراف التي تمنع على الدول الأعضاء تطبيق إجراءات تقييدية. تستطيع إذن هذه البلدان العربية الاعتراض على ما يفضي إلى تقليص تحويل دخول عمالها المقيمين بالخارج. تشكو غالبية البلدان العربية عجز تجارة الخدمات، وتحتل المملكة العربية السعودية مركز الصدارة في استقبال اليد العاملة الأجنبية. كما أنها على غرار غالبية بلدان مجلس التعاون الخليجي غير مصدرة لليد العاملة، لذلك يعاني حساب التحويلات بدون مقابل من عجز قدره 13977 مليون دولار عام 1999 ، إنه الرقم القياسي المسجل في العالمين العربي والإسلامي. على عكس المجموعة الأولى يمكن لدول العجز استغلال الاستثناءات الواردة على المبدأ العام المنصوص عليها في فقرات المادة 12 من الاتفاق متعدد الأطراف، ففي حالة تعرض ميزان المدفوعات للخطر تستطيع تقييد تحويلات دخول العمال الأجانب إلى الخارج. ويحدث الخطر عندما تقود هذه التحويلات إلى هبوط الاحتياطيات الرسمية إلى مستوى لا يسمح بتنفيذ المشاريع التنموية. بطبيعة الحال ينبغي تطبيق هذا التقييد إزاء جميع العمال الأجانب دون تمييز بينهم بسبب الجنسية، كما يجب إلغاء التقييد عندما يزول سببه. يتضح إذن أن جولة أوروغواي لم تتوصل إلى اتفاق حول التحرير الكامل لتجارة الخدمات. وبعد فشل مؤتمر سياتل يتوقع أن يتخذ المؤتمر الرابع الذي سوف ينعقد بالدوحة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل قرارات مهمة بهذا الصدد قد تقود إلى انطلاق جولة تاسعة للمفاوضات التجارية متعددة الأطراف. 3- حقوق الملكية الفكرية لا تعود جذور حماية هذه الحقوق إلى منظمة التجارة العالمية التي تأسست عام 1995 بل إلى اتفاقية باريس عام 1967 الخاصة بحقوق الملكية الصناعية واتفاقية بيرن لعام 1971 التي تتناول حقوق التأليف، كما توجد مؤسسة عالمية متخصصة وهي المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية التي أنشئت عام 1967 مهمتها تطبيق هاتين الاتفاقيتين وتضم 157 دولة. لكن إطارها القانوني لا يسمح باحترام تلك الحقوق بفاعلية. ويقتصر على الجوانب الفنية البحتة ولا يشمل علاقة هذه الحقوق بالتجارة العالمية. وتحت ضغط الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورغم معارضة غالبية البلدان النامية انتقلت أحكام الاتفاقيتين مع بعض التعديلات إلى جولة أوروغواي فظهر الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية ذات العلاقة بالتجارة. يتضمن هذا الاتفاق (المادتان الثالثة والرابعة) المبادئ العامة المطبقة على تجارة السلع والخدمات، مبدأ الدولة الأولى بالرعاية ومبدأ المعاملة الوطنية. ويضع الحدود الدنيا للحماية التي يتعين على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إدراجها في قوانينهم الداخلية. ومن بين هذه الحدود مدة الحماية. ينبغي على سبيل المثال ألا تقل مدة حماية براءات الاختراع عن 20 سنة وحقوق الطبع عن 50 سنة. وعلى القوانين الداخلية وضع الأحكام الكفيلة باحترام تلك الحقوق. ويجب أن تتضمن عقوبات مالية أو بدنية فاعلة ضد من يخالفها، شريطة أن توقع من قبل سلطات قضائية. وحسب الاتفاق يتعين اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية الملكية الفكرية خلال سنة واحدة في الدول الصناعية وخمس سنوات في البلدان النامية و11 سنة في الدول الأقل نموا اعتبارا من بداية عام 1995. يجب احترام هذه الحقوق لأنها تعبر عن جهود بذلها المخترعون والمؤلفون والفنانون، رغم أنها تهم بالدرجة الأولى الشركات الكبرى. إصرار الدول الصناعية أثناء جولة أوروغواي على إدراج هذه الحقوق ضمن الاتفاقات متعددة الأطراف كان نتيجة لضغوط مارستها شركات الأدوية والملابس الجاهزة التابعة لهذه الدول. لكن ذلك الاحترام يعرض صناعة وتجارة الدول النامية للتردي. نذكر على سبيل المثال صناعة الأدوية في العالم العربي التي هي في حقيقتها من أصل أجنبي. تحت التنظيم الجديد للمبادلات العالمية ستكون الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية أمام الخيار التالي، إما أن تدفع تعويضات مستمرة للشركات صاحبة براءة الاختراع أو تتوقف عن الإنتاج. يقود الحل الأول إلى ارتفاع أسعار الأدوية عند الاستهلاك ويفضي الحل الثاني إلى تبعية العالم العربي شبه الكلية للسوق الخارجية. وتجدر الإشارة إلى أن العرب استهلكوا أدوية قيمتها 3480 مليون دولار عام 1997. في اجتماع وزراء الصحة العرب المنعقد بدمشق في مارس 1998 ومن قبله بفترة وجيزة اجتماع اتحاد الصيادلة والأطباء العرب أكد الجميع على خطورة التحديات التي تواجه صناعة الدواء في الدول العربية بسبب النظام التجاري العالمي الجديد. يمكن وضع الاتفاق متعدد الأطراف حول حقوق الملكية الفكرية في مقدمة الاتفاقات التي ستكون سلبياتها على الاقتصاديات العربية أكبر بكثير من إيجابياتها | |
|
نصر الدين عضو جديد
الجنس :
عدد المساهمات : 87
تقييم الأعضاء : 3
نقاط : 36707
العمر : 32
| موضوع: رد: العرب ومنظمة التجارة العالمية السبت 08 مايو 2010, 13:36 | |
| | |
|
ايمن المراقب العام
جنسيتي :
مهنتي :
مزاجــي :
الجنس :
عدد المساهمات : 109
تقييم الإدارة :
تقييم الأعضاء : 2
نقاط : 83811
| موضوع: رد: العرب ومنظمة التجارة العالمية السبت 12 يونيو 2010, 09:37 | |
| | |
|